أفراخ مؤتمر لندن

 

 ان تطور الشعوب دائماً مايكون متلازماً لحركة التطور التاريخي، فمن خلال هذا الفهم الجدلي لحركة التطور تعتبر الحركة الوطنية في العراق بعد الاحتلال الانكلو امركي عام 2003  امتداد للحركة ماقبل الاحتلال، هذا ما يؤكد بأن العراقيين بيئة اجتماعية معارضة درجة وعيها كبيرة بالرغم من حداثتها اولاً وبفعل طبيعة المجتمع العراقي وثقافته ثانياً.

وقد يكون من المفيد الاشارة الى ان العراق يتمتع بتراث حضاري عظيم ذلك الذي ورثه يوم كان مقر الخلافة الاسلامية في عهد الاسره العباسيه، وعندما تعرض العراق للغزو المغولي تعرض ذلك التراث الى ظروف التلف والتناقض الا انه لم ينتهي بفضل عملية النسخ التي قام بها المصريون والتي تم بواسطتها نقل مؤلفات المشرق الاسلامي عن طريق النقل الكامل او التلخيص، ففي منتصف القرن التاسع عشر شهد العراق حركة ادبية استفادت من ذلك التراث العظيم واتسع نطاق تأثيرها في القرن العشرين حيث استفادت من تأثرها بالتطورات العالمية.

لم تفهم السلطات العثمانية الدوافع الحقيقية للحركة القومية العربية وكانت نظرة الاتحاديين رغم ملامحهم العصرية متشددة ازاءها، وعند انتهاء الحرب العالمية الاولى عادت الحركة الوطنية العراقية لممارسة نشاطاتها (الدينية والقومية) رغم محاولات توجيهها وجهة جديدة لصالح التهاون مع بريطانيا ذلك التوجه الذي سعى له الحسين بن علي ملك الحجاز وبالتالي فيصل بن الحسين في العراق، ولكن بصورة عامة يمكن تحديد السمة الرئيسية للحركة الوطنية بالكره للانكليز ذلك الكره الذي بدأ مع مقاومة الحملة البريطانية على العراق واخذ ينمو مع ماترتكبه الادارة البريطانية من اخطاء وما تمارسه السياسة البريطانية من غرامات ونفي واعتقالات وارهاب بالاضافة الى المماطلة السياسية في الوفاء بالاتزامات التي اعلنها الساسه الانكليز للعراق ولاجل ذلك كانت ثورة العشرين التي لم يكن فشلها انتهاء للمعارضة بل اشتدت المعارضة وتصاعدت وكان هدفها الرئيسي التخلص من بريطانيا وسياستها القائمة على نظرية (فرق تسد) والتي اكثرت من زرع الفرقة والانشقاقات في داخل المجتمع العراقي وهذا ماتتبـــــــجح به مس بيل (ان مزايا السياسة البريطانية الجيدة في العراق ان العراقيين يضربون بعضهم البعض عند حدوث شيء ولايضربون الانكليز).

لم تترك بريطانيا العراق بالرغم من اجبارها على الخروج في ثورة 14 تموز1958  بل كنا نجدها وراء كل تخريب وكوارث حلت وتحل في هذا البلد الى ان عادت مع الاحتلال الانكلو امركي عام 2003 وها هي كعادتها في سياستها الخبيثة تجدها وراء كل منعطف وانحناء في مسيرة الحكومات التي توالت على حكم العراق بعد عام 2003 والتي الحقت الخراب والدمار في العراق صاحب الخيرات الكثيرة والثروات المتعددة دفعت به الى العجز الاقتصادي فالاحتلال الانكلو امريكي يمثل الصيغة الاستعمارية الجديدة قد اعطى التوكيل الاداري والاقتصادي للعملاء من الحكام والسياسين الفاسدين الذي دمرت سياساتهم وسياسة اسيادهم البلد، بعد ان قام المحتل تحالفاته الحقيقيه مع الدول الاقليمية ذات الاطماع التاريخية في العراق وذات التوجه العدائي ضده ومن منطلق (عدو عدوي صديقي) كما اطلقت العنان لفرقها الاستخباريه لاختلاق الازمات وتفجير الصراعات الطائفيه والاثنيه وعملت بقوه ودهاء شديد على تحطيم وتفتيت اللحمة الوطنية من خلال تفشي طائفية سياسية وضعف الشعور بالمسؤولية وتفشي الفساد المالي والاداري الذي اكل كل امكانيات الدولة الاقتصادية والارهاب والعنف المتواصلين منذ13 عام استنزف الكثير من موارد العراق البشرية والاقتصادية فهذه السياسات التي حذرت المعارضة منها منذ اليوم الاول للاحتلال دفعت بالشعب للتظاهر في 2015/7/5  للمطالبة بالاصلاح وتصاعدت حدتها حتى بلغت الاعتصام على اسوار المنطقه الخضراء للمطالبه بالتغيير الجذري ورفض كل محاولات التزييف والاحتواء ومحاولات التلويح باستخدام القوه، فالمعارضه الوطنيه التي تتقدم هذه المسيرة الكبرى للشعب العراقي هي امتداد طبيعي لتلك الحركه التي قادت الثورة والتحريرعام 14  تموز 1958  ان الذين يمثلون النفوذ السياسي البريطاني في الحكومة من (حملة الجنسية البريطانية) افراخ مؤتمر لندن عليهم الاتعاض من دروس التاريخ ان المستعمر واذنابه سيــــهزم وتحبط مشاريعهم وان البقاء للوطن والشعب الحر الثائر المنتصر وستدفعون الثمن حياتكم