السياسة في العراق ولعبة الحية والدرج . . .!

الحية والدرج هي اللعبة المحببة لدى الأطفال, ترى هل أصبحت السياسية بمثابة الحية والدرج في عراق ما بعد 2003, أم أن اطفال ومراهقي السياسة مازالت ذاكرتهم تأرشفها لعبة الحية والدرج . . .؟!
* * *
يذكرني ما يجري حاليا في البرلمان العراقي من صراعات وانقسامات وتجاذبات واعتصامات في جلساته البرلمانية (ديمقراطية الحوار المفتوح) وما يجري خلف الكواليس (الستار الله) من مهاترات ومغالطات, وربما تنازلات مشروطة بصكوك مصرفية تكسر الظهر.
يذكرني فعلاً بأيام الطفولة, عندما كنا نلعب ونتشاجر مع بعضنا البعض لأبسط واتفه الأسباب خاصة عندما نخسر في كرة القدم, فنلوذ بكبير القوم (قائد الفريق) فتبدأ المعركة مع الفريق الآخر, وما ان ينتهي يومنا الحافل بالشجار والأنقسام, نعود الى بعضنا البعض في اليوم الآخر متصافين متسامحين متحابين كما لو اننا لم نتشاجر ولم يحدث بيننا شيئا ما, ولكن وآه من تلك المسكينة التي أسمها الــ (لكن), ما ان تتجمد مياه التفاهم بيننا وتتحول الى ثلوج يصعب كسرها, نعود مرة ثانية الى مضارب بني عبس, فتسبق خطواتنا ملاحم التشاجر والتناحر والأنقسام لأتفه الأسباب, وهكذا تمضي طفولة لا نعرف منها لا قرار صائب ولا محطة للثبات.
ما يحدث حاليا من انقسام في صفوف الكتل السياسية داخل قبة البرلمان وما يرافقه من مهاترات وصراعات وتجاذبات وتهديدات بشأن التشكيلة الحكومية الجديدة التي يدعي رئيس القوم (حيدر العبادي) بأنها تمثل وزراء تكنوقراط لأشخاص يمتلكون الخبرة والنزاهة ومواصفات سوبرمان الديقراطية الحديثة العابرة للقارات بدون اجهزة رادارات أو موجات فضائية. تلك الأنقسامات والتجاذبات والتناحرات والأعتصامات ( لون جديد من التعبير الديمقراطي) التي تمارسها الكتل البرلمانيةفي داخل قبة البرلمان لأسباب معلومة ومفهمومة وملغومة (لغاية في نفس يعقوب) هي اشبه بلعبة الحية والدرج التي يعشقها الأطفال ويستأنسون بها, فمرة يرسلك الدرج الى الأعلى, ومرة تصطادك الأفعى فتهوي الى الأسفل, وبين الأعلى والأسفل يبقى الأطفال معلقون بمغامرات الوصول الى لذة الفوز.
أحزابنا السياسية لا تريد ان تخسر الملعب لأن الملعب فيه قدسية اللعب, وفيه مفاتيح اللعب, فيه المال والجاه والقوه والسلطة وكل ما يتمنى المرء, ولأن تلك الأحزاب لها الحق في تقرير مصير العراق, ولما لا . . .؟!, فهي من جاءت بالديمقراطية العابرة للقارات الى العراق, وهي من حررت العراق من براثن دكتاتورية النظام السابق كما تدعّي, وهي من أممت نفط العراق المنهوب وحررته من عصابات النهب والتهريب, وهي من تصدت للفساد ومافيات الفساد, وهي من وهبت الحياة الى الشعب العراقي بقرار ديمقراطي تعددي, وهي من شرّعت قوانين السماء على الأرض, وهي من قادت حملة الأعمار والتنمية وساهمت في توزيع المساكن واموال منتوجات النفط على فقراء الوطن, وهي من ارست قواعد وقوانين العدالة والرعاية الأجتاعية في المجتمع العراقي حتى بات من الصعب ان تجد فقيرا لا يملك قوته اليومي في العراق الديمقراطي الجديد, وهي من حاربت وتصدت للأرهابيين وعصابات ما يسمى بالدولة الأسلامية (الدواعش), وهي من ثارت على فساد وزراءها وارتأت استبدالهم بتكنوقراط يمتلكون الخبرة والمهنية والنزاهة في العمل الوطني, وهي من أحالت الفاسدين وسارقي خزينة الوطن والمال العام الى القضاء النزيه, وهي من تحاول رسم خارطة مستقبل الأجيال, وهي من تريد بناء دولة المؤسسات لا دولة المليشيات, وهي من تناضل وتكافح وتقاتل من أجل العراق الواحد الموحد, لهذا فأن لها كل الحق في الأعتراض على الأسماء التي قدمها رئيس الوزراء, ما لم يترشح وزراء التكنوقراط من رحم تلك الأحزاب السياسية المناضلة, لكي يكونوا تحت هيمنتهم وسيطرتهم ورحمتهم (دولة داخل دولة).
بأختصار شديد, لعبة الحية والدرج لن تنتهي في عراقنا الديمقراطي التعددي الجديد طالما هنالك لصوص معبئين بقناني الكتل السياسية, وبرلماناً لا يعرف من خارطة العراق إلا حدود المنطقة الخضراء, وطالما هنالك رئيس وزراء لا يمتلك القرار الشجاع, ولا يعرف ماذا يريد ان يفعل, لأن جهاز الريموت كونترول ليس بيده,
وانما بيد قوى خارجية هدفها ابقاء العراق ملعباً للتناحر والأنقسامات, وسيبقى الشعب المعذب المقهور يدفع ضريبة الديمقراطية المهجنة بطعمها الأمريكي المّر في داخل قصور المنطقة الخضراء.