تتحدث الأسطورة عن حصار الإغريق لطروادة دام سنوات طويلة بدون نتيجة ، لكن الأغريق فكّروا بخدعة جديدة ليتمكنوا من اقتحام المدينة بلا خسائر وبسهولة ، صنعوا حصاناً خشبياً ضخماً يحتوي على مخبأ سري أخفوا فيه عددا كبيرا من محاربيهم، وكان اوديسيوس هو القائد في الحصان الخشبي الذي بناه أبيوس ، والبقية الباقية من الجيش اختبئوا في مكان ما وعلى مقربة من طروادة وقبل الطرواديون الحصان على أنه عرض سلام، حيث اقنع جاسوس اغريقي اسمه سينون الطرواديين بأن الاغريق يرسلون الحصان كهبة وكبادرة للسلام ، فأمر الملك بإدخاله إلى المدينة في احتفال كبير. احتفل الطرواديون برفع الحصار وانتهاء الحرب وابتهجوا وأقاموا الاحتفالات بهذه المناسبة، عندها خرج محاربوا الإغريق من الحصان الى داخل المدينة في الليل، وكان السكان في حالة ثمل، ثم فتح المحاربون الإغريق بوابات المدينة للسماح لبقية الجيش بدخولها، فنهبت المدينة بلا رحمة، وتم قتل الرجال والشباب والشيوخ، وأخذوا معهم النساء والأطفال كعبيد. أصبح العراق مسرحاً مهماً للاحداث التي سوف تغير خارطة الشرق الاوسط، وباعتقادي ان الفوضى السياسية التي تنخر جسد العملية السياسية برمتها، ليست الا خطة محكمة باتقان، خططت لها الايدي الخفية التي تتحكم بتسيير عمل الحكومات وتطويعها الى الارادة العالمية التي ترسم شكل مستقبل المنطقة، وتحاول خلق حالة من القلق الذي لا يجب الخروج من عباءته لترزح المنطقة تحت سيطرة القوى الكبرى بغض النظر عن الكيفية والتفاصيل الصغيرة التي يعاني منها المواطن العادي في العراق والشرق الاوسط والعالم العربي عموماً، فالعملية أكبر بكثير مما قد يتخيله المرء، فمشروع الشرق الاوسط الجديد والذي أسست بنيانه الولايات المتحدة بمؤازرة من حلفائها في الغرب لاعادة تشكيل منطقة الشرق الاوسط هو مشروع كبير جداً وما أوهام الربيع العربي الا جزء أساسي من هذا المشروع، والقوميون الذين ينادون الى وطن عربي كبير أو موحد واهمون جداً وخاسرون في النهاية، أو هم جزء من هذا المشروع بشكل أو بآخر، والعراق من أهم ادوات تشكيل الشرق الاوسط الجديد لانها ارض خصبة للصراعات القومية والطائفية والعقائدية والتي لا يمكن لها أن تتفق على شيء والاحداث التي سبقت دليل حي على هذا الكلام، فبالرغم من الشعارات الجميلة الرنانة التي يطلقها القوميون العرب بكل اطيافهم واشكالهم، الا أن الانقسامات جارية على قدم وساق، والصراعات المذهبية والطائفية تعرقل استقرار البلاد ولحاقه بركب التطور الحضاري والثقافي والعمراني، ناهيك عن فسح المجال للتنظيمات الارهابية التي استحوذت على مساحات ومدن شاسعة من العراق وتمكنت من نشر الفوضى والقتل والتدمير والذبح واختراع انواع جديدة من التعذيب والقتل تضاهي ما رايناه في افلام هوليود . وسواء شئنا أم أبينا فان العراق مقبل على انشطار مفصلي في بنيته وشكله، والدول الكبرى لها يد خفية في كل مايحدث هنا، وكلنا يعلم بأن العراق يضم شعبين عربي وكوردي وطائفتين هم الشيعة والسنة، وان بقاء هذه الطوائف والقوميات تحت مظلة واحدة صعب جداً وسيتجزأ العراق الى دولتين أو أكثر عاجلاً أم آجلاً بحسب التوقيتات الزمنية التي وضعتها الولايات المتحدة والدول الكبرى لهذا المشروع، سيما وأن مشروع سايكس بيكو شارف على نهايته كما هو معروف للجميع، اذاً ان خدعة حصان طروادة تتجدد تارة أخرى لكن بشكل مغاير في العراق والشرق الاوسط عموماً، وتنظيم داعش الارهابي والربيع العربي هما أهم اشكاله وماعلينا سوى ترقب التغييرات الجديدة في هذه المنطقة .
|