المعتصمون والرؤساء وسعد زغلول

بصرف النظر عن نوايا النواب المعتصمين ونفاق بعضهم  ، وبعيدا عن المواقف المتذبذبة المتلونة لبعضهم الاخر  والتي نرفضها جملة وتفصيلا ،وسواء صحت الاتهامات الموجهة لاولائك وهؤلاء  او بطلت ..بعيدا عن النتائج التي سيحققها هذا الاعتصام..  واستثناءا لما مر ذكره وما لم يمر فان النواب العراقيين  المعتصمين في قاعة البرلمان قد سجلوا موقفا وطنيا شجاعا يحسب لهم وربما يكفر عن اللمم من سيئاتهم واخطائهم ويغفر من ذنوبهم ، كونهم كسروا طوق الخوف الذي احاطهم به رؤساء الاحزاب وحرموا عليهم كسره  ،وعبروا اسلاك التردد والتخاذل  التي نصبتها و فرضتها عليهم مغريات وامتيازات الموقع والمنصب  ، واجتازوا حقول الالغام  التي زرعتها سلطة برايمر بالتعاون مع شركاء العملية السياسية .حين نتصدى للباطل في ظرف اعتيادي تلك شهامة ..وحين نقف بوجه الظالم مع وجود الناصر تلك بطولة ، اما حين نجابه الشر وهو في طغيانه وتعدد وسائل انتقامه فتلك ريادة .كان الاولى بالسادة رئيس الوزراء ورئيس البرلمان تقديم استقالتيهما ، وكان الاولى برئيس الجمهورية ان يشكل حكومة تصريف اعمال بالاتفاق معهما ريثما يتم اختيار رئاسة جديدة للبرلمان تأخذ على عاتقها تشكيل حكومة جديدة بعدما فشلت حكومات المحاصصة السابقة طيلة ثلاثة عشر عاما.كنا نتمنى ان تكون هذه الصحوة البرلمانية الرافضة للمحاصصة وهيمنة رؤساء الكتل مدعاة فخر للرؤساء الثلاثة قبل ان تكون موضع تقدير وارتياح من جانب الجماهير العراقية . كتب الصحفي المصري مصطفى امين في كتابه (من عشرة لعشرين) ان البرلمان المصري اجمع على حجب الثقة عن رئيس الوزراء سعد باشا زغلول في حقبة العشرينيات من القرن الماضي وكان اغلب أعضاء البرلمان من حزب الوفد الذين اتى بهم زغلول للبرلمان فاعلنوا عن حجب الثقة عنه بالاجماع فصعد زغلول المنصة وخاطب ممثلي الشعب : ( اني في هذه اللحظة اشعر في سعادة غامرة لان الذين أقودهم لم يعودوا قطيع غنم فنجحوا في اقصائي من رئاسة الوزراء فسأغادركم وانا سعيد ومطمئن منكم ايها الشجعان) فصفق له النواب بحماس كبير . سوف يكون لنا كلام غليض مع النواب الذين فاتهم شرف المساهمة في الاعتصام .!