شلع.. قلع.. كلهم حراميّة.. بقلم الشيخ عبد الجليل النداوي

 

العراق تايمز: كتب الشيخ عبد الجليل النداوي


اليوم وأنا قادم من البيت باتجاه مرقد أمير المؤمنين (ع)، وفي الزقاق الذي يلي زقاق بنات الحسن من جهة شارع الرسول، شاهدت ستة من النساء يغطين وجوههن بالبوشيّة، وهُنَّ يفترشن الرصيف ويمُدّنَّ أيدهنَّ إلى الناس بذُل علَّ أحدهم تُدركه الشفقة فيرمي إليهّن بشيء من المال، فتذكرتُ عليّاً (ع) حينما مر بسوق الكوفة ورأى يهودي يبيع ماء وجهه للناس ويستجدي عطفهم على قارعة الطريق، فأغاضه منظره وسأل صاحب بيت المال ـ وكان يرافقه ـ من هذا الفقير؟ قالوا له: إنّه يهودي كان بناءاً و قد أقعده المرض! فقال (ع): أحين كان شابّاَ استخدمتموه ولما أعجزه مرضه تركتموه..؟!
فأمر (ع) أن يُخصص له مرتباً من بيت مال المُسلمين..!!
ولطالما سمعنا ممثلوا المرجعيّة من كربلاء يتحدثون عن الفساد والاستحواذ على ثروات البلاد وتبديدها، بينما يعيش الشعب حالة من الفقر المُدقع، في المقابل نرى في تصرفات أبناء المرجعية وحواشيها ما يخالف كلامها، فهم يتصرفون بالأموال التي بأيديهم وكأنها أموالهم الخاصّة.
وكمثال على ذلك حينما بنت المرجعية مجمعاً سكنيّاً في النجف الأشرف (مجمع مدينة العلم لإسكان طلبة الحوزة)، نجد أن الإجحاف في توزيع الدور، فقد كانت حصة الطلبة العراقيين منها لا شيء بالنسبة إلى غيرهم، فما أن اكتمل المُجمّع حتى وزعوه على الباكستانيين والأفغانيين والإيرانيين، ولكي يصمّوا أفواه المُنتقدين وزّعوا بعض الوحدات السكنية على عدد قليل من الطلبة العراقيين وأساتذة مرحلة السطوح المعروفين، حتى إذا ما اعترض عليهم مُعترض يقولون له، وفلان وعلان أليسوا عراقيين..؟!!
وفوق ذلك تجد عند أبواب تلك البيوت السيارات الحديثة مع أنها مُخصصة للطلبة الفقراء..؟!!
فالأرض عراقيّة ـ كانت حامية عسكريّة ـ وقد سكنتها بعض العائلات الفقيرة كباقي العشوائيات فأخرجوهم بالقوّة منها حتى قتلت فيها عجوز أيام كان عبد الحسين عبطان نائب محافظ النجف، أخرجوهم بالقوّة بعد أن شوهوا سمعتهم بدعوى أنهم مجرمين ويبيعون الخمور والحبوب المخدّرة، ويرتكبون الفاحشة والعياذ بالله..!
وبالإضافة إلى الأرض الأموال التي بُني بها المجمع أيضاً، عراقيّة فهي من أموال الوقف الشيعي المخصصة لطلبة الحوزة العراقيين، والسُكان من الأجانب وعابري الحدود وربما حتى بدون فيزى مع الآلاف الذين يعبرون سنويا من إيران بدون أوراق رسمية بحجة زيارة أربعينية الإمام الحسين (ع).
نعم بنوا المجمع على أحدث الطرق المعماريّة حتى من ناحية المظهر الخارجي ليسكنوا فيه الباكستانيين والأفغان والإيرانيين أما طلبة الحوزة العراقيين فقد تركوهم يسكنون الأكواخ المبنية من البلوك، وفي العشوائيات التي تُحيط كما الحزام بالنجف الأشرف، فأين هو العدل والإنصاف في هذا الفعل..؟!
ولكي لا يقفز المدافعون الطوعيّون بوجهي ـ كعادتهم عندما أنتقد أي تصرف أو سياسة غير صحيحة ـ أنا هنا لا اتحدث عن المرجع الأعلى (دام ظله) فربما هو لا يعلم أصلا بهذه الدور، بل عن ولده السيد محمد رضا السيستاني والحاشية المُحيطة به، إذ كان عليهم أولاً حل مشكلة سكن الطلبة العراقيين بما أن الأموال التي بنيت بها الدور مخصصة لسكن الطلبة العراقيين، ثم الالتفات إلى الجاليات الأخرى فالأقربون أولى بالمعروف هذا إن كانوا يعتبرون العراقيين هُم الأقربون.
وأتمنّى أن يعيد مكتب المرجع الأعلى وابنه وحواشيه النظر في هذه السياسة الإقصائية البائسة، وإلا فليس لهم الحق أن يتحدثوا عن الفساد والمفسدين: 
{أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنسَوْنَ أَنفُسَكُمْ وَأَنتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ ۚ أَفَلَا تَعْقِلُونَ} البقرة 44.
وهنا أسأل الوقف الشيعي العراقي، والدولة العراقيّة إذا كان القوم كل يعمل للجالية التي ينتمي إليها ويدافع عنها ويحافظ على حقوقها، فمن يدافع عن الطلبة العراقيين، ولماذا لا يخصص الوقف الشيعي العراقي رواتب لطلبة الحوزة العراقيين أسوة بالوقف السُني على الأقل ليستطيعوا دفع إيجار بيوت لائقة إن لم تبنوا لهم بيوت وتوزعونها أنتم وليس عن طريق المكاتب المتسلطة في النجف الأشرف..؟!
لماذا يضيع حق العراقيين ويتمتع به غيرهم حتى في الحوزة التي من المفترض أنها تأمر بالعدل والمعروف..؟!


ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عبد الجليل النداوي
حرر في زمن الفساد الذي عشعش حتى في الحوزة العلمية 19/ 4/ 2016م


لمتابعة الموضوع بشكل مفصل أرجوا مراجعة الرابط أدناه


http://www.sistani.org/arabic/social-service/1398/