هموم الناس وعمل الفريق

مرحلة الجلوس خلف مكتب فخم، وتناول الشاي والقهوة وبعض الاطعمة، داخل ساعات العمل اليومية،  قصة نشاهدها بأم عيننا، ونحن ننتقل بين هذه الدائرة وتلك، اضافة الى تنزيل العاب الكترونية على (اللابتوب)، وجهاز الموبايل، وقضاء جل الوقت في التعاطي معها، أصبح ديدن كثير من الموظفين، الا بعض الذي يشعرون برقابة ضميرهم، فينجزون ما تحت أيديهم من معاملات، تاركين مقولة الموظف الخائن خلف ظهورهم حين يقول للمراجع: (روح.. تعال.. باجر..).ولست هنا منتقدا للعمل المكتبي اذا توفر الشخص الملائم الذي يستطيع ان ينجز لا ان يكدس العمل، ويعطل مصالح الناس العامة.ومن العمل الحكومي التجوال بين الناس، والاستماع الى مشكلاتهم، ومعايشتهم في السراء والضراء، ليكون المسؤول مطلعا على احوال أهله، والتخفيف عن معاناتهم، وتحقيق مبدأ التواصل المباشر وليس السماع من هنا وهناك.كم اشعر بالغبطة والسرور وانا اشاهد بعض اعضاء مجالس المحافظات المنكوبة، وهم يتجولون بين خيام النازحين والمهجرين داخل العراق وخارجه.وكم أنقم على اولئك الذين باعوا ضميرهم، وانعزلوا تماماً عن هموم الناس، فشتان ما بين الاثنين.في بعض المحافظات يصب المواطنون جام غضبهم على بعض اعضاء مجالس المحافظات، ولهم الحق في غضبهم، اذ أن الشخص المعني يكون باحثاً عن مصلحته الشخصية بالدرجة الأولى، وما سيدخل جيبه من اموال المقاولات بالدرجة الثانية، وثالثاً: (الهمبلة) الاعلامية التي يطالعنا بها بين فترة وأخرى، تجعلنا نستدعي المثل العربي القديم: (تسمع بالمعيدي لا أن تراه).لكن في المقابل النماذج الايجابية يجب أن يسلط الضوء عليها.فمن خلال متابعتي لاكثر من شهر لجهد عضوين من اعضاء مجلس محافظة نينوى الذين أرفع لهم القبعة بما يقدمونه للناس من خدمات.فهم أيقنوا أن خدمة الناس شرف لهم، وجعلوا منه شعارا يتجولون به بين هذا المخيم وذاك، بين هذه الدائرة الخدمية وتلك.خلف الحظات الحديدي، وحسن شبيب السبعاوي انموذجان ايجابيان لمن يبحث عن الجرح ليضمده، ويتجول ها هنا وهناك من اجل خدمة اهله.كم يرتفع المسؤول عند الله اولا وعند المجتمع ثانياً اذا كان من (خير الناس انفعهم للناس).جولات ميدانية يقوم بها الحديدي والسبعاوي تتجاوز احياناً اختصاصهم الدقيق في لجانهم، فمرة نراهم في ملف التربية والتعليم فاعلين، ومرة مع النازحين والمهجرين، ومرة مع المرضى في المستشفى، ورابعة مع المتقاعدين، وخامسة مع المهمومين الذين يبحثون عمن يسمعون منهم المأساة.ان العمل الخدمي أولية الأولويات في الوقت الحالي بما يعاني الناس من ضيم وظلم.وان الجلوس على تل السلامة لن يكون الا وصمة عار تلحق الجالسين ولن يعفوا من المسؤولية في الدنيا قبل الآخرة مصداقا لقوله تعالى: (وقفوهم انهم مسؤولون). نبارك جهد العاملين، ونلعن في الوقت نفسه القاعدين الذين يلعنهم الله والناس اجمعون.