قيل قال |
في خضم وضع سياسي مرير يعاني فيه العراقيون من سقم وخبث وصبيانية وعمالة بعض السياسيين، منتظرين ظهور المخلص الذي ينقذ البلاد والعباد من فقر الخدمات وشظف العيش وأنتشار ظاهرة الاستجداء وأستفحال الفساد في الوزارات والدوائروأنتشار السيطرات وبقاء الصبات الكونكريتية والشوارع المغلقة، مازال التراشق بالكلمات واذا تطلب الأمر قناني المياه مستمرا، فما أثقل هم المواطن وما أصعب يومه المحمل بكل هذه الهموم. ليس لدي تفسير ولا يجد أحد بين الناس تفسيراً لغلو السياسيين في خلافاتهم الخفية والمعلنة ففي الوقت الذي يرفع الجميع شعار الأصلاح ويعلن تأييده للأصلاح الشامل، تتبنى كل كتلة في مجلس النواب رؤية مختلفة لورقة الأصلاحات، من أين تبدأ والى أين تتجه، وهل تمس مصالح وأمتيازات هذا الحزب أو ذاك؟. وفي خضم ذلك كله لا نجد موقعاً وحرصاً على المواطن الذي يشكل مصدرالسلطة ويفترض إن النواب هم ممثلون عنه ويتحدثون بلسانه وينظرون بعينه، واذا فكروا بقضية يجب أن يكون المواطن في مقدمتها، فلماذا الأختلاف أذن أذا كان الهدف واحدا، أما عندما تتعارض المصالح الضيقة والمكاسب الرخيصة والثمينة، ولا يكون المواطن هدفاً أساسياً هنا تتكشف الحقائق وينزع الغطاء من على وجوه السياسيين وأنصافهم وتسمع أصواتهم النشاز التي لا أمل فيها ولا هم يحزنون. البعض سمى أنتفاضة نصف أعضاء مجلس النواب بالعفوية، والبعض أتهمهم بشق الصف وتعطيل التشريعات وأخرون علا صوتهم مطالباً الألتزام بالدستور وبالتوافق والشراكة، لكن المواطن ظل ضحية التوصيفات التي لا تقدم ولا تأخر لأن الحال بقي على ماهو عليه وظلت المعاناة والقهر وظل مشهد السرقات والحصص والمحاصصة والتسويف والأنحدار الى الوراء كما هو. العراقيون ينزفون دماً في مواجهة عصابات داعش وفي حياتهم اليومية والعشرات من أبناء المسوؤلين يتنزهون في ملاهي ومطاعم أوربا ويرقصون السامبا والفلامنكو مع الغانيات، والكثير من ساسة العراق المتصدين للسلطة يقضون أجازاتهم وأحياناً عطلة الأسبوع خارج العراق ولا يستحون من أنفسهم وهم يستعرضون أمام المسافرين في صالات الدرجة الاولى في المطارات.
عندما كان المال فائضاً في الميزانية لم ير الناس الخدمات الرئيسة وليست الترفيهية، فما بالكم اليوم والميزانية لا تكفي جيوب السراق والمحاكم لم تقل كلمتها بعد بحقهم، من المؤكد لاشئ متوقع ولا يملك أحد منهم عصا سحرية للتغيير ولا أحد منهم يشعر بالحرج طالما إن الصاحي والمريض في مركب واحد و”مفيش حد أحسن” من حد على “كولة” المصريين.
وبما إن الظاهر شيء والمخفي في جعبة سادة العالم شئ آخر فربما فيه خلاص الناس وأستقرار البلاد من يدري، نقرأ وتتناقل الأخبار كل يوم سيناريو جديد للأوضاع في المنطقة ولا أذيع سراً بتكرار ما تقوله أجهزة المخابرات الآميركية والغربية، من إن أميركا أكملت طبختها وهيأت “حكومة إنقاذ وطني” لا علاقة لها بالأحزاب الحاكمة ستعلن عنها أو تنصبها في قمة هرم السلطة في شهر حزيران المقبل ولكي تكتمل الطبخة يقسم العراق فدرالياً الى ثلاثة أقاليم شيعي، سني وكردي.
إذن كل مايجري الآن من تكالب وصراع على تقسيم المغانم والوزارات لا معنى له، أما كان الأجدر بالحكومة ومجلس النواب أن ينصرفا لمعالجة مشاكل الناس وأعطاء الأولية للخدمات المفقودة وتحسين الوضع الأمني والبيئي والمعيشي وترقيع الشوارع المليئة بالحفر وضبط النزاعات العشائرية على الصغيرة والكبيرة والألتفات الى تطوير الصناعة والزراعة، بدلا من القيل والقال.؟ |