امتحان جديد للمجتمع المدني

 

ستفتح المراكز الانتخابية يوم السبت 20 نيسان الجاري ابوابها منذ السابعة صباحا، لتستقبل الصناديق فيها اوراق الاقتراع بعد ان تؤشر عليها خيارات الناخبين. وعلى ضوء نتائج التصويت ستتشكل مجالس المحافظات. لكن هناك من ينظر الى هذه العملية بشك، ويرتاب في قدرة الصندوق على احداث التغيير!
فالبعض يفكرون في عدم المشاركة، بسبب عدم جدواها كما يرون، مستخفين بقدرة اصواتهم على التأثير في المعادلة. واذا كان علينا ان نتفهم هذا الموقف من مواطن لم يرتق وعيه الى درجة ادراك أهمية الصوت الانتخابي، كحق دستوري، وواجب على المواطن تأديته، وضمانة لمشاركته في رسم ملامح اربع سنوات اخرى، يتمنى الجميع ان لا تكون على شاكلة السنوات الاربع الصعبة التي مرت. فهذه لم تشهد مدننا خلالها الاعمار والبناء الضروريين، وبما يتلاءم مع الاموال التي خصصت لها وانفقت عليها، والتي ذهب قسم منها بسبب سوء التخطيط وفشل الادارة الى غير الاكفاء، بينما ذهبت المبالغ الاكبر الى جيوب اللصوص الفاسدين.
وقد كشفت زخات المطر التي انهمرت في شتاء هذه السنة ليوم واحد فقط، زيف خطاب المتنفذين وتبجحهم ببناء قاعدة خدمات لم يتلمس احد شيئا منها، ما اضطرهم للجوء الى الشحن والتصعيد والتخويف الطائفي، في محاولة لتأمين استمرارهم في التحكم برقابنا لاربع سنوات اخرى. نعم، اذا كان هذا كله عصيا على فهم المواطن غير الواعي لما يحاك له من قبل المتنفذين، الذين يريدون من وراء ذلك ادامة تحكمهم بالسلطة وامتيازاتها ونعيمها، على حساب مصالح المواطنين. واذا كان العزوف المرتقب للمواطنين الموالين اصلا لقوائم المتنفذين، عن انتخاب هذه القوائم مرة اخرى، تعبيرا عن مشاعر الاحباط والسخط على من يقفون وراءها، وعن عدم رضاهم عن ادائها.. اذا كان ذلك موقفا ايجابيا، ويشكل عقوبة يستحقها غير الكفوئين والفاسدون، فان احاديث المقاطعة وعدم الجدوى التي يرددها بعض المثقفين، لا معنى لها. بل انها تشكل موقفا سلبيا لا يمكن تبريره على الاطلاق. ان من واجب المثقف والمواطن الواعي، ان يدرك مسؤولياته العامة، وواجباته في التأثير بالشأن العام، ودوره في احداث التغيير. كذلك ان يدرك ان دوره ينبغي ان لا يقتصر على المشاركة بالتصويت واختيار الاصلح، بل يجب ان يتجلى كذلك بالترويج للقوائم المدنية الديمقراطية، ذات برامج الاصلاح والتعمير، والتي يرشح ضمنها نساء ورجال عرفوا باياديهم البيضاء، التي لم يلطخها فساد ولم تتلوث بسفك دماء العراقيين.
ان الكثيرين من غير الكفوئين ومن اقرانهم الفاسدين والمتسترين عليهم، انما وصلوا الى مواقع السلطة والنفوذ عبر صناديق الاقتراع. وان بامكان المواطنين الواعين، بعد غد السبت، ان يسهموا في ازاحة قسم من هؤلاء، والتضييق على القسم الذي يبقى هذه المرة، وذلك عبر ايصال مرشحي القوائم المدنية الى مجالس المحافظات، عبر اختيار البدلاء الاكفاء والنزيهين لاولئك الفاشلين العاجزين. وان من المهم تفعيل اشكال المشاركة و الترويج للقوائم المدنية الديمقراطية.
ويبقى مؤكدا ان السبت القادم، 20 نيسان 2013، سيكون يوم امتحان جديد لمجتمعنا المدني، ولقدرته على احتلال المساحة التي تنسجم مع دوره في بناء الدولة المدنية الديمقراطية.