الديمقراطية والدكتاتورية |
منذ أول حكومة منتخبة في العراق عام 2005 وحتى يومنا هذا دائما هنالك أزمة سياسية في البلد ويعزو الكثير من المتابعين أسبابها الى الدستور العراقي ونظام الحكم (البرلماني) ونحن نقول هنالك نقاط خلل ووهن في العملية الديمقراطية في العراق وأبرزها طبيعة النظام السياسي السائد في العراق وهو النظام البرلماني . ولعلنا وبعد11 سنة على دستور2005 النافذ والذي أسست مواده وأبوابه آليات الحكم في العراق عبر اختيار النظام البرلماني الذي أثبتت السنوات فشله كنظام سياسي قادر على أن يبني دولة بالمفهوم التقليدي للدولة ويؤسس لديمقراطية حقيقية،ولعل البعض يقول إن النظام البرلماني أكثر تمثيلا للشعب، ونحن هنا نقول إن النظام البرلماني في العراق هو نظام دكتاتوري أكثر مما هو ديمقراطي كما يفترض أن يكون وتعليلنا في ذلك سيطرة الكثير من رؤساء الكتل على إرادة النواب حتى بات النائب لا يمثل من انتخبوه بقدر تمثيله لرئيس الكتلة وينجر طوعا أو كراهية لقرارات رئيس كتلته وبالتالي إن النظام البرلماني الموجود في العراق حاليا ليس بالنظام الديمقراطي بالطريقة التي يجب أن يكون فيها. والدليل على ذلك (جلسات التشاور والتوافقات) بين رؤوساء الكتل وهم بالتالي أصحاب القرار ألأول والأخير،وهذا السياق المتبع في رسم السياسة الداخلية والخارجية للعراق وعلى مختلف المحاور تخضع لرأي رؤساء الكتل وهذا يعني إن يحكم الآن في العراق ليس البرلمان أو رئيس الوزراء بقدر ما إن القرار الأول والأخير لعدد محدود جدا من الزعماء يعبرون عن مواقفهم من خلال نوابهم في البرلمان الذين لا يحق لهم إتخاذ قرار خارج (إجماع قائمتهم وكتلهم وحزبهم). ولم نجد في موقف ما أن خرج ولو نائب واحد عن موقف حزبه وقائمته وهو ما يعني إن القرار عند أصحاب القرار وليس عند النواب. وهنا يقول البعض لعل الكاتب يروج للنظام الرئاسي كبديل وارد للنظام البرلماني ،وبالتأكيد هنالك دعوات في هذا الصدد ولكن علينا أن نفكر جيدا إذا كان البعض يتخوف من ولادة دكتاتورية في النظام الرئاسي فلماذا لا يكون هنالك تخوف من ولادة دكتاتوريات متعددة في النظام البرلماني؟ هل النظام البرلماني محصن من هذا؟ بالتأكيد في تجارب العالم الديمقراطية بما فيها البرلمانية انتجت أنظمة دكتاتورية وفاشية ولنا في هتلر ألمانيا وموسوليني إيطاليا ما يؤكد لنا إن الديمقراطية قد تكون الطريق السليم لوصول الدكتاتورية سواء أكان النظام برلمانياً أم رئاسياً، وبالمقابل نجد تجربة جنوب أفريقيا في عهد الراحل نيلسون مانديلا لم تفرز دكتاتوراً بل أنتجت نظاماً رئاسياً ديمقراطياً أقنع الجميع ونال رضاهم.
|