في دعوة جريئة و شجاعة أعلن أحد نواب البرلمان العراقي, وهو السيد عادل نوري من الاتحاد الاسلامي الكردي العراقي عن دعوته لإحالة أوراق نائب رئيس الجمهورية الحالي, رئيس الحكومة السابق نوري المالكي للمحكمة الجنائية الدولية في لاهاي بدلا من المحاكم العراقية غير القادرة على محاكمة المالكي لأسباب ذاتية وموضوعية. الاتهامات ضد المالكي واسعة ومفتوحة تبدأ بعمليات السلب والنهب والفساد في المؤسستين الأمنية والعسكرية وتتواصل مع اضطهاد وقتل المحتجين السلميين بطريقة بشعة في ساحات الاعتصام السلمية في الحويجة وغيرها , ولا تنتهي عند جريمة حكومته الكبرى و مسؤوليته المباشرة عن ضياع مدينة الموصل بيد تنظيم الدولة ودماء آلاف الشباب العراقي الذين زج بهم في مواقع غير آمنة, ولم تستطع الدولة حمايتهم وباعتباره كان يشغل منصب القائد العام للقوات المسلحة, وماحدث يدخل ضمن مسؤولياته القيادية المباشرة. لو تعمقنا في ملفات الاتهام ضد المالكي فسنتوسع لندخل في ملفات إرهاب دولي خطيرة وكان مسؤولا عنها أيام رئاسته للجنة الأمنية والجهادية في حزب “الدعوة” الإرهابي العميل, ومنها مثلا مسؤوليته المباشرة عن تفجير السفارة العراقية في بيروت الغربية في 15 سبتمبر 1981 ومصرع عشرات المدنيين, إضافة الى ملفات أعمال الإرهاب الإيرانية المنفذة بأدوات وعناصر حزب “الدعوة” ضد أهداف أميركية وكويتية في الكويت عام 1983 وكذلك في المحاولة الأثيمة لاغتيال أمير الكويت الراحل الشيخ جابر الأحمد (رحمه الله), إضافة الى ملفات إرهاب عديدة, لسنا هنا في مجال استعراضها لضخامتها وتشعبها. طبعا نداء النائب العراقي الكردي لن يجد أي استجابة لا من المؤسسات القانونية في العراق ولا حتى من المؤسسات الدولية ذات العلاقة, بسبب كون النفاق سيد الموقف فله في العراق مواقع وحصون عاتية, والمالكي خلال سنوات حكمه العجاف استطاع أن يشيد مراكز قوى وحصون سلطوية ومحطات دفاعية تعيق عمل أي دعاوى مضادة له, ولكن السبب الأكبر في المعصومية والحصانة التي يحظى بها المالكي هو رضا ولي إيران الفقيه عنه والذي متعه بالحصانة وجعل منه قياديا مباركا لايقترب القانون من حاشيته فضلا عن كونه هو ذاته من شيد المؤسسة القانونية العراقية وعين رجالها وجعلهم حصون دفاعية متقدمة له… خصوصا ان الرأي العام العراقي لاقيمة له في العرف السلطوي وأمام مرتكزات وعوامل وقلاع التحاصص الطائفي التي حولت الأغبياء في العراق لقادة ستراتيجيين رغم هوانهم على أنفسهم وعلى الناس, والمالكي من دون شك واحد من أفشل رؤساء الحكومات في تاريخ العراق المعاصر وأشدهم عدوانية وفي عهده سقطت الدولة العراقية في أتون حروب طائفية مهلكة وعاشت مرحلة فساد وإفساد هشمت قواعد الدولة العراقية وكياناتها وجعلتها مثالا لدولة الفشل. وقد يبدو محزنا للغاية أن تنطلق دعوة من البرلمان العراقي لمحاكمة نوري المالكي دوليا, لكون هذه الدعوة تثبت أن البرلمان العراقي مجرد هيكل وبالوعة لصرف واستنزاف ميزانية الدولة ولاقيمة له في تقرير مصير العراق ولا محاسبة لصوصه من الحكام, فما جدوى وجود البرلمان إذن. أما وضع القضاء العراقي فهو أمر محزن يؤكد هشاشة الدولة لكون القضاء في أي بلد هو المعبر عن أهمية ومكانة واعتبار تلك الدولة, وفي الحالة العراقية فإن القضاء العراقي يحول الإرهابي المجرم لبريء وملاك بجرة قلم, ويحول البريء والوطني والنظيف لإرهابي أشر في لحظات وفي ذلك قمة الانهيار للدولة ومؤسساتها. نوري المالكي كان ولايزال حاكما للعراق, وارتكب جنايات وجرائم ضد شعبه, ومحاكمته إن لم تكن في العراق لاداعي لها أصلا لكونها ستكون هزلية وفضيحة تؤشر على عجز العراقيين عن محاسبة مستبديهم, وتلك وأيم الحق قاصمة الظهر
|