تقول الكاتبة الأمريكية " ايما سكاي”، و التي خدمت في العراق بعد 2003 "لو لم تصر إدارة أوباما على دعمها للمالكي وتجاهل السياسيات المدمرة، فإن العملية الديمقراطية الشاملة التي مهدت لها الولايات المتحدة بعد تدخلها في البلاد لم تكن لتتفكك، وكان يمكن أن نحول من دون انبثاق تنظيم داعش ،يجب علينا أن نتعلم من أخطائنا السابقة إن أردنا أن نقضي على الإرهاب، وأن نبدأ بتهيئة ظروف تسمح بهزيمة داعش عسكرياً وأيدولوجياً".
وتشير الكاتبة الى غياب الرؤية الأمريكية الثاقبة بعد جدل انتخابات 2010، عندما أصر نائب الرئيس الأمريكي جو بايدن، عكس غالبية الدبلوماسيين و الخبراء بشؤون المنطقة، على دعم نوري المالكي في الولاية الثانية، على أساس غير معروف النهايات، واذا ما كان نكاية بفوز قائمة العراقية بزعامة علاوي، أو عدم معرفة الخارطة السياسية القادرة على حكم العراق.
لقد أسس الأمريكيون الى فتنة كبيرة في العراق بالمراهنة على الحكم العرقي و الطائفي فزرعوا بذور الشقاق و التفرقة بصفوف العراقيين، بطريقة غير متعارف عليها في موروثهم الوطني، فتلقف السياسيون الحالة ليغطوا على عدم امتلاكهم قاعدة شعبية من يبدأوا مسيرة الشحن الطائفي قبل تأسيس عروش لا علاقة لها بالمعلن من عبارات " الورع و ترك الأمور الدنيوية"، لكن ما يجري من حراك شعبي و " انتفاضة " برلمانيين يؤكدان بالملموس أن فترة " الأستعباد" السياسي تشرف على النهاية.
عندما يشق النواب عصا الطاعة على كتلهم السياسية فأنهم يشيرون الى ظلم وقع عليهم ، فتصوروا حجم المآساة مع شعب لا يعرف المسؤولون الطريق الى عواطفه أو و لائه الوطني، فعلا نحن في زمن " العجب العجاب" سياسيون لا تلهيهم غير المناصب و المنافع، سياسيون يتعانقون علنا و يتقاتلون في السر، كل واحد يريد ايقاع الثاني بمصيبة، قارب بلا ربان أو بوصلة،فكيف يمكن التفكير بخروج العراق من كبوته!! اعتقد أن الضوء في آخر النفق ليس مضمونا، طالما يصر الجميع على تقديم القرابين لا الحلول المنطقية للأزمة، رغم سهولتها المطلقة بتشكيل حكومة خارج رحم الطائفية و المزاجيات العرقية، حكومة تمثل جميع العراقيين . سيقول البعض من الصعب أن يدير الوزير مهامه لأن الحزاب ترفض التخلي عن نفوذها، وسيقول آخرون ان النفوذ الاقليمي و الدولي يفرض شخوصه، بينما الصحيح أن غياب المشروع العراقي الوطني هو سر كل هذه الاخفاقات، فطالما يتم تحويل العراق الى مصدر رزق للسياسيين ستبقى أضغاث الآحلام سيدة المشهد في العراق،
وليس هناك من آمل يرتجى الا بضغط الشارع الوطني لأن سياسيا واحدا لن يغادر موقعه عن طيب خاطر.!!بينما استقالات بالجملة في العالم المتحضر بسبب اخفاق لا يشكل قطرة في محيط من تراكم فشل السياسيين في ادارة العراق، حيث لم يستفيدوا من تجربة اقامتهم بدول متحضرة و ديمقراطية أي شيء، لأن ضمائرهم المستترة لا تتقبل ذلك ، فالمهم المنصب و طرق نهب المال العام، وقراءة للوجوه في عام 2003 و 2016 كافية لمعرفة الجواب.