ما لم يرتكبه المجرم


ما هي واجبات الادعاء العام؟ سؤال قادني إلى طرح أربعة أسئلة أريدكم أن تشاركوني التأمل فيها أصدقائي، بعد المرور سريعاً على الفقرة (أولاً) من المادة (1) من القانون الخاص به، والتي توجب عليه؛ (حماية نظام الدولة وامنها ومؤسساتها والحرص على الديمقراطية والمصالح العليا للشعب والحفاظ على اموال الدولة).

 

والمرور أيضاً على الفقرة (ثالثاً) من نفس المادة التي تُحمِّله، مع القضاء والجهات المختصة، مسؤولية: (الكشف السريع عن الافعال الجرمية والعمل على سرعة حسم القضايا وتحاشي تاجيل المحاكمات بدون مبرر لاسيما الجرائم التي تمس امن الدولة ونظامها الديمقراطي الاتحادي).

 

حسنٌ، لاحظوا معي أصدقائي، نهاية الفقرة أولاً من هذه المادة، والتي تُحَمِّل الادعاء العام مسؤولية “الحفاظ على أموال الدولة”، وشاركوني طرح سؤالي الأول: ماذا فعل الادعاء العام من أجل الحفاظ على هذه الأموال؟ وإذا كانت أموالنا تحت رعايته فماذا فعل، مثلاً، بخصوص سرقة أكثر من نصف تريليون دولار فقط، خلال فترة حكم السيد نوري المالكي؟! كما يؤكد المتخصص بشؤون الطاقة وليد خدوري بمقال له في جريدة الحياة، وهو مبلغ يساوي، بحسب المقال، أكثر من نصف الريع النفطي لمدة (12) سنة، أو للفترة ما بين عامي 2003 و2015.

 

ثم تعالوا معي للاطلاع على ما ورد في الجزء الأول من الفقرة (ثالثاً) من نفس المادة، الذي يقول: (الاسهام مع القضاء والجهات المختصَّة في الكشف السريع عن الافعال الجرمية)، وشاركوني طرح سؤالي الثاني: إذا كان الادعاء العام يتحمّل جزءاً من مسؤولية الكشف عن الجرائم، فلماذا قُيِّدت أكثر الجرائم الإرهابية ضد مجهول؟! مع أن الكثير منها يُرتكب في وضح النهار وباستخدام أموال ومقدرات الدولة.

 

طيب، الآن لنتحوَّل إلى الجزء الثاني من الفقرة السالفة، والذي يقول: (والعمل على سرعة حسم القضايا وتحاشي تاجيل المحاكمات بدون مبرر لاسيما الجرائم التي تمس امن الدولة ونظامها الديمقراطي الاتحادي).

 

ونصوغ منها سؤالنا الثالث: ما الذي لم يتم تأجيله، أو تسويفه، من الجرائم التي تَمَسُّ أمن الدولة؟! جريمة سبايكر، مثلاً، التي قتل فيها ما يقرب من 1700 مقاتل عراقي، هل تم حسمها؟ جريمة تسليم الموصل إلى داعش، وما تسببت به من قتل وسبي واغتصاب وتهجير وتدمير، هل تم حسمها؟ وقبل أن التأمل في جواب هذا السؤال أصدقائي، تعالوا معي إلى السؤال الرابع الذي أريد، بعد إذنكم، أن أجمل به كل ما ورد في أعلاه وأقول للادعاء العام: إذا كانت مسؤولية حماية نظام الدولة، وحماية أمنها وحماية مؤسساتها تقع عليك، وإذا كان الحرص على الديمقراطية والمصالح العليا للشعب يقع في دائرة عملك، وإذا كان الحفاظ على أموال الدولة يقع في قائمة واجباتك، فما الذي تعتقد بأنه لا يقع ضمن مسؤولياتك من الجرائم التي تعرضنا لها، سيدي رئيس الادعاء العام؟!