الدواء والدولار والدولة

 

على عكس القاعدة الاقتصادية المعروفة ( إذا زاد العرض إنخفض السعر ) تعمل الصيدليات في العراق .. فهي رغم ( كثرتها  الكاثرة ) اليوم في  الشوارع والاحياء  ، لكن اسعار الدواء عالية ، وفي تصاعد مستمر.. وعندما تسأل عن السبب تسمع الجواب دائما (الدولار وما ادراك ما سعره وتأثيره ) …

وفي الايام الماضية أشعلت نارالدولارالحرائق في أسعار السلع ، وخاصة الضرورية التي لها مساس بحياة المواطن ومنها الأدوية التي تأخذ  حصة  كبيرة في ( الميزانيات ) الشهرية لكثير من العوائل ، وتتقدم على ما سواها من ( الحصص ) ، لانها تتعلق ببقاء الانسان على قيد الحياة ..

وليس في الامر مفاجآة أن تجد الاسعار في تذبذب ، عادة ما يميل الى الصعود ، ومنها أسعار الدواء ، لانه يرتبط بالدولار.. وهذا ما اعتدنا عليه … ولكن الغرابة أن  تترافق الزيادة مع الحراك السياسي بشأن الاصلاح ، الذي ينبغي أن يحسن الاوضاع ، وليس أن يدخل البلاد في أزمة سياسية تلقي بظلالها على سعر الدولار أيضا ، و ينعكس بدوره على حياة المواطن في مختلف المرافق الاقتصادية ، بعد أن  تدهورت كثيرا بسبب انخفاض سعر النفط .. والمفارقة في الموضوع أن الاسعار تستقرعلى أخر رقم  في الارتفاع ، بعد هدوء الاوضاع ، او حل الازمة التي كانت وراء الزيادة ، وعودة الدولار الى ما كان عليه …

 

 واذا كانت الدولة لا تستطيع إنتاج ما يسد حاجة المواطن من السلع الضرورية ، وخاصة الدواء ، فهل ليس بمقدورها مراقبة الاسعار ، وضبطها بشكل يحقق مصلحة الطرفين ( البائع والمشتري ) …؟.. فلا يجوز أن تترك السوق في مهب رياح تقلبات  الظروف السياسية والازمات ، أو ( أمزجة ) التجار ، و( جشع ) البعض أوعدم تقديره لقيمة ما يتعامل به من سلع لها تأثير كبير على المواطن ..

 

وهناك حاجات ضرورية تتعلق بالحياة ، ولم يكن أمام المواطن غير أن يشبعها ، و( الاذعان ) الى تنفيذ رغبات  وشروط من يتحكم بها ، وخاصة الغذاء والدواء ، ولذلك يصبح ضروريا  في بعض الاحيان تدخل  الدولة بثقلها الكبير لتنظيم حركة السوق ،  وتأمين تلك السلع وحماية المواطن .. وقد تضطر في حالات معينة  الى أن تفتح شركات خاصة متنوعة لبيع سلع  كثيرة تحافظ من خلالها على إستقرارالاسعار ، وتوفير سلع جيدة من مناشيء و( ماركات) عالمية ، وتغادر هذه الحالة ،  وتغلق تلك ( الدكاكين ) اذا جاز التعبير عندما تتغير الظروف ، وتنتفي الحاجة اليها  ..

 

أن ضمان صحة المواطن من اولى مهمات الدول المتطورة ، وتشمل برعايتها ( بني الانسان ) من غيرمواطنيها أيضا ، وتتحمل كل ، أو نسبة معينة من تكاليف علاج المواطن ، وتعده جزءا من الضمان الصحي والاجتماعي له ، وهو ليس منة منها عليه ،  بل هو من عائد ما يدفعه من ضرائب ، او ما تحصل عليه الدولة من موارد اخرى ..

 

  واليوم لم يعد  الأمن والارهاب وحده يؤرق المواطن ، بل أصبح المرض هاجسا أخر يقلقه ايضا ، ليس خوفا على صحته ، وما أغلاها ، بل بسبب ( ارتفاع أسعار الأدوية وتكاليف مراجعة المستشفيات ، واجور الاطباء التي هي الاخرى في زيادة مستمرة ، وتكاليف العملية الجراحية الباهضة ، وملحقاتها من السونار ، والتحاليل ، والاشعة ..الخ ) …

 

فهل بمقدور الفقير أن يتحملها …؟!

 

الدواء كالغذاء حاجة اساسية وليست كمالية ..

 

والرعاية الصحية في مقدمة  المهمات الانسانية للدول ، تؤمنها لكل من يعيش على أراضيها ، وان لم يكن من مواطنيها … .

 

فاين الاصلاح من ذلك  الاستثمار في أثمن مجالاته ، وأربحها على الاطلاق ..وهو الانسان ..؟.

 

 

{ { { {

 

كلام مفيد :

 

( إذا رأيت في غيرك خلقا ذميما فتجنب من نفسك أمثاله) … الامام علي إبن ابي طالب (ع)..