بين الجريمة والخدمات

 

 استوقفني وبألم شديد خبر تناقلته وسائل الاعلام عن العثور على جثتي طفلتين قضيتا طعنا في أحد مناطق محافظة كربلاء ..بينما تناقلت وسائل اعلام اخرى ان جثتي الطفلتين عثر عليهما محترقتين بعد ايام من خطفهما وليس بين الطعن والحرق ما يميز كثيرا طبيعة الجريمة المرتكبة في سلوك الجاني ووحشيته .. الا انها تختلف في اعراف القانون والمحاكم ..؟

أما مايميزهما كواقعة بحق الانسانية فهي بعيدة كل البعد عن الفطرة والطبيعة الانسانية التي خلقها الله وخلق معها الضمير والعاطفة وعوامل الخير بكل مفرداتها …

الذي جعلني أن اتناول هذا الموضوع أن الضحية لهذه الجريمة هما طفلتان واوجعني أكثر ..أنتشار هذه الظاهرة فبالامس ليس بالبعيد حدثت مثل هذه الجريمة في هذه المحافظة وتلك وأن اختلفت طبيعة القتل ..الا ان هذه الافعال الاجرامية بحق الطفولة يجب الوقوف عندها ..لأن من يرتكب جريمة القتل بهذه الصورة وبحق الاطفال ..فانه بلغ من الاجرام ذروته وانتقل من الطبيعة والفطرة الانسانية الى الطبيعة الحيوانية المفترسه أن لم يكن اعلى منها..وان بقاء هؤلاء المجرمين احرار طلقاء سيشكل خطراً كبيراً على المجتمع بشكل عام..؟

لنعترف وبكل صراحة ان الجريمة بكل تفاصيلها ومفرداتها قد سادت المجتمع العراقي منذ جريمة الاحتلال الامريكي للعراق عام 2003  وخصوصا بعد قيام الحاكم المدني للعراق سيء الصيت بول بريمر بحل الجيش والاجهزة الامنية ..اضافة الى أبتعاد وغياب المختصين في مكافحة الجريمة ..وانشغال رجال الحكم والسياسة في خلافتهم وصراعاتهم على كرسي الحكم ..؟؟

نحن كشعب صبر كثيرنا ولا نريد اليوم أن نعلق انتشار الجريمة وسوء الخدمات على داعش وغيرها ..فلكل من مؤسسات الدولة مهمة محددة لتقديم الخدمات للشعب ..

ولكن عندما تصل مراحل الجريمة الى قتل الاطفال والتمثيل بجثثهم بدوافع أخفاء معالم الجريمة أو امراض واحقاد نفسية ..فيجب على الجهات المختصة الاستنفار والوقوف لاتخاذ كافة التدابير والاجراءات اللازمة للحد من هذه الظاهرة قبل ان تتحول الى جريمة اعتيادية تمارس بين الحين والاخر كما يجب اتخاذ كافة التدابير والاعلان عن منح مكافآت مالية لكل من يتعاون مع السلطات الامنية لالقاء القبض على الجناة..

أما فيما يتعلق بسوء الخدمات ..فلا اعتقد ان هناك اي مبرر يقبله العقل والمنطق لتراكم النفايات داخل احياء العاصمة بغداد والمحافظات الاخرى فلا محاربة داعش ولا سوء الاوضاع الامنية تمنع امانة بغداد بنشر الحاويات في اماكن جمع النفايات داخل مناطق بغداد ..ولا يوجد اي مبرر لانتشار الحفر والمطبات والخسوفات في شوارع العاصمة..

ولا أعلم ماهو دور المدراء العامون لمديريات بلديات مناطق بغداد …؟؟ ومن فضل الله لدينا مقالع كبيرة من الحصى وجبال من القير وايدي عاملة كثيرة وأليات أختصاصية ولا نحتاج سوى شحذ الهمم وأحياء الروح الوطنية لدى العاملين …دعونا نلمس منكم يا امانة بغداد شيئا يعيد الينا بصيص من الامل بعودة عاصمتنا الحبيبة الى نظافتها وجمالها ..

أما انا وانتِ وأنتم يا أبناء شعبنا ..علينا أن نتحلى بالوعي والثقافة وان نتعاون فيما بيننا وكل من موقعه من اجل بغداد اجمل ..وذلك بعدم رمي مخلفات الطعام وعلب المشروبات الغازية وقشور الفواكه في الشارع أثناء تجوالنا في السيارات …وعلى اولياء الامور مهمة بث هذه الروح في عقول ابنائهم ….نحن شعوب بشرية كما هم شعوب العالم المتحضر ..ولكن الفرق بيننا وبينهم ..هو روح الانتماء وتطبيق القانون ..لا اريد ان اعلق الامر على الحكومات ..فقد جفت احبار اقلامنا وكتبنا الكثير ولا نريد ان نعلق كل امورنا عليهم ففاقد الشيء لا يعطيه ..

وأخيرا أرجو أن لايستهين أحد بهذا الطرح ويقلل من أهميته ..لأننا اصبحنا في حال نحتاج فيه الى الكتابة والاشارة الى الكثير الكثير … فبلدنا امانة في اعناقنا جميعا. فنحن جميعا نعيش في قارب واحد في بحر متلاطم الامواج فأن لم نتعاون بيننا سنغرق جميعا ..حفظ الله العراق وشعبه.