مقهى الحشاشة |
الحشاش، اسم يطلق على من يتعاطى الحشيشة في بغداد، والحشيشة تسمى في مصر (حشيش) وفي لبنان (كيف)، وهي نوع من زرع القنب مشهورة في العراق منذ قديم الزمان ثم انحدرت الى الشام ومصر.
ويزيدنا الباحث الفولكلوري عزيز الحجية معلومات بقوله: للحشيشة انواع، منها ما يبلعه المدمنون، ومنها ما يدخن في النركيلة او السيجارة. وتدخينها في السيجارة كان هو الشائع في بغداد بل في العراق.
وانطباع الانشراح هو ما يشعر به كل حشاش، ولذلك فالحشاشون دائما ما كانوا يقبعون في مقاه صغيرة تشبه الدهاليز، يستمعون الى اسطوانات مقامات رشيد القندرجي وهي تصدر من الكرامافون ابو البوري (الحاكي)، وكانوا يكثرون من شرب الشاي السنكين وأكل التمر باعتبار الحشيشة (اتحب الحلاه) كما يقولون، ويُقال ان معظم الحشاشة بل جميعهم جبناء (واحدهم ايخاف من خياله) وذلك لتأثير الحشيشة على اعصابهم.
وللحشاشين خيال بارع، ولهم نكات لطيفة، وهم يجودون بالحلول الصحيحة لقضايا عويصة كثيرة، حتى يُقال ان احد البغادّة نذر ان يذبح لوجه الله ذبيحة عرض إليتها خمسة اشبار اذا رزق بمولود ذكر. ونذور البغادّة كثيرة ومناسباتها عديدة، فمنهم من ينذر (خطار واهليه) أو كربة عليها شموع للخضر (يسيسها) بالشط او خبز العباس وغيرها.
وولدت زوجة الرجل الناذر ولدا فاطلقت الهلاهل واقيمت الافراح، وقصد زوجها (الجوبة) مفتشا عن الخروف المنذور فوجد اكبر الية لأكبر كبش لا تفي بالقياس الذي نذره. فعاد مهموما شاعرا بالعجــــز عن الوفاء بالنذر، خائفا أن يموت ابنه الذى انتظره بفارغ الصبر.
وهنا أشار عليه احدهم ان يقصد جايخانة الحشاشة ليعرض عليهم مشكلته وعندهم سيجد الحل الصحيح، فذهب الرجل الى الجايخانة المشهورة في محلة الميدان، وجلس على اول مقعد فسأله صاحب المقهى: أعمّرلك؟ (أي هل أقدّم لك سيجارة أو ناركيلة حشيشة).
أجابه صاحبنا: لا..
فسأله ثانية: زين أجيبلك جاي تازة..
كذلك أجاب: لا أسطة، آني عندي مشكلة!
ثم قصّ حكايته على مسمع من الحشاشة الموجودين فما أن انتهى حتى أجابه حشاش كان جالسا بقربه: (يابه دخذه للمحروس وروح للجوبة او كدّر ابشبره يا ليّة اللي تريدها).
انفرجت أسارير صاحب النذر وفرح فرحا جمّا بما أفتى به الحشاش.. ومن شدة فرحته لم يتصل بزوجته حتى يبشّرها ويطمئنها، بل أخرج الموبايل من جيبه واتصل بالبرلمان وقال:
– ياجماعة.. تره مشكلتكم ما تنحل الا بجايخانة الحشاشة. |