حكومة الظل العراقية

 

الحراك الشعبي في العراق في الأشهر الماضية أفرز حتى هذه اللحظة حراكا سياسيا نبحث عنه بلورة رؤى جديدة للكثير من البرلمانيين برفض أسلوب المحاصصة وخروج الكثير منهم عن طاعة رؤساء الكتل وشكلوا حتى هذه اللحظة ما يمكن أن نسميه (معارضة برلمانية) ونحن في العراق نتمنى أن تظل هذه المعارضة ضمن البرلمان وتأخذ جانب الرقابة بمفهومها البرلماني الديمقراطي وليس لمجرد تسقيط الآخر.

ومهما كان عدد الذي سيبقون (معارضين) لأسلوب المحاصصة فإن هذا الرقم سيكون قابل للزيادة يوما بعد آخر من جهة ، ومن جهة ثانية سيكون نواة تأسيس أسلوب جديدة افتقدناه في السنوات الماضية والذي يمثل تفعيل القطب الثاني من المعادلة الديمقراطية حيث إن الديمقراطية في معادلتها لمعروفة للجميع تعني ثمة حكومة تقابلها معارضها وكلاهما منتخبان من الشعب، وفي النظم الديمقراطية العريقة كبريطانيا وأمريكا وبعض الدول الأوربية هنالك حكومة ظل تتشكل بالتزامن مع تشكيل الحكومة التنفيذية التي تتمتع بأغلبية سياسية في البرلمان أو مجلس النواب .

وحكومة ظل أو حكومة الظل هي الحكومة غير الموجودة على الخريطة التنفيذية لكنها تشكل من قبل حزب غير مشارك في الحكومة التنفيذية وذلك في حالة سقوط الحكومة تكون هذه الحكومة جاهزة لتكليفها من قبل رئيس الجمهورية،وعادة ما تكون من الحزب الثاني في البلد أو مجموعة أحزاب اتخذت المعارضة سبيلا لخدمة الشعب بحكم عدد مقاعدها في البرلمان أو لاختلاف برنامجها الانتخابي وغير ذلك من الأسباب الجوهرية .

وأجد من حسنات الحراك السياسي أنه أوجد بعض القناعات لدى البرلماني العراقي قد تمكنه من أن يستوعب مفهوم المعارضة في إطارها البرلماني خاصة وإن تجاربنا (التشاركية والتحاصصية) وغيرها من التسميات بعيدة جدا عن المعنى الحقيقي للديمقراطية.

إن مجرد التفكير بحكومة الظل يقودنا لمراجعة شاملة لمسيرة الديمقراطية في البلد،هذه الديمقراطية التي كنا نتمنى أن تفرز لنا نخبا سياسية وكاريزما من شأنها أن ترتقي بالبلد لانتقال ديمقراطي مبني على أسس صحيحة تتغلب فيها المصلحة العــــامة للشعب على المصالح الـــــثانوية الأخرى .

فهل نرى في العراق قريبا حكومة ظل تؤدي مهمتها في مراقبة الحكومة التنفيذية ؟ المواطن العراقي يتمنى ذلك والمثقف يرى وجودها ضروريا من أجل أن نسير في طريق الديمقراطية الصحيح والسليم .