فلنشبع جياع الشعب |
ما ان اخرج الى الشارع قاصدا عملي او للتبضع لعائلتي حتى ادخل في دوامة الامراض ، فيرتفع ضغطي والسكري لما اشاهده امامي من ظواهر سلبية وانهيار وتخريب للبنى التحتية ، وانهيار للقيم والاعراف وهذه ظواهر تأبى النفوس الابية على تحملها . تخلصت من السكري المرتفع بمنحه الى وزارة التجارة والتي غاب السكر عن حصتها التي اتخمت العوائل العراقية . ولكن ارتفاع الضغط لديَ ليس له علاج لذا وجبَ عليَ مراجعة المستشفى وبين مراجعتي لهذه المستشفى او تلك وتبضعي من هذه الاسواق او تلك وقفت شارداً مذهولاً ... حتى ضننت انني اسير في احد شوارع نيودلهي او بومباي او احدى مدن بنكلادش لكثرة ما سُمي عندنا حديثا بـ (الستوتة) وسُمي عندهم بـ (الركشة) ولكثرة ما شاهدت من الوجوه الاسيوية الفقيرة التي تعمل هنا وهناك ! فكيف دخلت هذه الايدي العاملة من الهند وبنكلادش ومتى ؟ وهل فُحصت صحيا ودققت امنيا ؟ حتى ان السليمانية اصبحت ملجأً لهؤلاء ! في حين يكثر الشحاذون العراقيون على ارصفة بغداد والسليمانية ويكثر الشحاذون من فقرائنا الاكراد هنا وهناك في بغداد عاصمة الدنيا وام الحضارات ! . كثر ضخ النفط هذه السنيين وهي ظاهرة ايجابية حتى تجاوزت ارقام ضخه العقود السابقة وحتى ان مدن شمالنا الحبيب بدأت بالتصدير وارتفعت اسعاره حتى بات العراق يصدر الملايين من براميل النفط ويكسب المليارات من الدولارات ومع ذلك كثرت الافات وكثر التامر على وطني الجريح من الداخل ومن الخارج ، فشوارعنا حفرٌ ومطبات حتى يخيل اليك انك تسير في عاصمة الضباب (لندن) لكثرة الغبار او يخيل اليك ان تسير في البندقية او احدى المدن الهولندية لكثرت المياه حولك ولكن اي مياه ! ومع ازدياد ضخ النفط كثر الفقراء وكثرت البطالة وكثر العاطلون عن العمل ، انها معادلة عكسية لاطردية واصبح%23 من العراقيين يعيشون تحت خط الفقر ! كيف يحدث هذا مع ازدياد التصدير للنفط ؟ كيف يحدث هذا ومليارات الدولارات تاتي من الدول المانحة للعراق ؟ كيف يحدث هذا واين تذهب هذه المليارات ؟ فهل اعُيد تاهيل المصانع العراقية الكبيرة وهل اعُيدت عجلة العالم الاولى في العراق لتشغل ابناء العراق ؟ فهذه مدينتي بغداد ومدينة كل عراقي شريف تزداد خرابا فتصبح كالارض اليباب ، فاين الجسور الجديدة ؟ واين البنايات الجديدة ؟ واين المستشفيات الجديدة ؟ واين الجامعات الجديدة ؟ واين المطارات الجديدة ؟ واين التاهيل للمواطن العراقي المظلوم منذ عقود ؟ (فالجندي الاميركي يعاد تاهيله لمجرد خدمته ستة شهور في العراق) فهل الجندي الامريكي يختلف عن الفرد العراقي وهل ان المواطن الامريكي مواطن من الدرجة الاولى وان المواطن العراقي مواطن من الدرجة العاشرة ؟ لقد وعِدنا ان يكون عام 2008 عام اعمار لكننا لم نرَ اعماراً بل دماراً فهل كُتِبَ على العراقيين ان يرددوا ابيات الشاعر الحسيني الثائر كالحسين (عليه السلام) :نفطنا والكمارك والمكوس ارباحها وين تروح تخلي الكلب مجروحمن نسكت يحجونا ومن نحجي يسكتونا على بقرة حاحا النطاحةدخلوا الخوكات حاحا شفطوا اللبنات حاحالقد شُفطت خيرات مصر وخيرات العراق فهل نفدت العمالة العراقية كي تدخل الاسيوية والافريقية ؟ اليس الاقربون اولى بالمعروف ؟ الم يقل المثل العراقي (اذا زادت مركتنه نذبه على زياجنه) .لم نصل الى مرحلة السكب على (الزيج) ولا نريد ذلك فلنشبع جياع الشعب فلنشبع ابنائنا واهلنا قبل ان يستغلهم ضعاف النفوس ، فالعراقي اولى بالخيرات والثروات ام انه اولى بالتفجيرات كما يروق لمرضى النفوس ان يفعلوا ! ام ان امير الشعراء (احمد شوقي) عاد ليردد سينيته :(أحرامٌ على بلابلهِ الدوح حلالٌ للطير من كل جنسِ)فلم لايرتفع ضغط دمي حين رؤيتي للالاف من العراقيين بدون عمل ؟ الم يقل الحبيب المصطفى وسيد الكائنات محمد (صلى الله عليه واله وسلم) (مَن باتَ ولم يهتم بامور المسلمين فليس منهم) . بالله عليكم ابدءوا بابنائنا . فها هي الشهادات الحقيقية عاطلة ومعطلة وها هم ابنائنا يبحثون عن عملِ واملِ بالعيش في بلدهم الذي هو بحاجة اليهم وهم بحاجة اليه فلا تبعدوا ابنائنا عن وطنهم فهم اهل الغيرة والشهامة والرجولة وهم سند العراق والعراقيين في الملماتِ وصدق من قال (ما حكَ جلدك غيرُ ظفرك) ان ارعوا ابناء العراق فقراء العراق فهم الذخيرة والمؤون وهم للوطن بانون ومحصنون ومضحون ورحم الله (عبد الكريم قاسم) يوم خاطبهم قائلا (لااسكن دارا حتى تسكنون).
|