كراسي ملطخة بالدم

 

في كل مرة ينهار فيها الوضع الامني في عموم العراق نقف مذهولين من الاجراءات التي يجب على الحكومة ان تتخذها ، حيث يقوم رئيس الحكومة بالقاء التهم هنا وهناك او على هذه الجهة او تلك دون التطرق الى غياب فاعلية الاجهزة الامنية التي يقدر تعدادها المليون رجل بين جيش وشرطة واستخبارات وامن داخلي وميلشيات تصب جل عملها للحد من الهجمات الارهابية وتقوية التحصينات لبقاء القائد العام على رأس السلطة , ولم يشهد المشهد العراقي تغييراً في القيادات الامنية رغم سطوع حقيقة فشلها في ادارة الملف الامني ولم نشهد نقديم احد للمحاكمة العسكرية على خلفية تقصيره في اداء الواجب الذي يؤدي الى ازهاق ارواح المئات من العراقيين وتدمير ممتلكاتهم ،ان جميع القادة الكبار في المنظومة الامنية والجيش معينيين بصورة مباشرة من القائد العام وقد نال ولاءهم التام عبر اطلاق يدهم في السلطة والمنطقة التي هي تحت سيطرتهم وان اي تغيير او اقالة لاحدهم قد تكون له عواقبه الغير حميدة على الولاءات التي دأب طويلاً لتحقيقها . وتستغل التفجيرات والاغتيالات من اجل ايصال رسالة سياسية او اتخاذها ذريعة لمهاجمة جهة معينة او مكون عراقي معين ، وعندما يتدخل البرلمان ليؤدي واجبه العقيم بأستدعاء رئيس الحكومة والقائد العام ووزير الدفاع ووزير الداخلية بالوكالة وهم شخص واحد طبعاً .. يستنكف هذا الشخص من الحضور الى البرلمان بحجج واهية كقوله ان حضوره قد يزيد من تعقيد العملية السياسية في العراق .. بينما في قرارة نفسه يرى انه اعلى من كل من قام بأستدعاءه وان القضية هي مسألة ( شرف شخصي ) لايجب ان يداس .. وكأن ارواح العراقيين لاتساوي عناء مجيئه الى البرلمان ، لن تجدوا هذا يحصل في اي دولة في العالم سوى في العراق الذي بات أسوء مكان للعيش في العالم .. وعندما أصر البرلمان على طلب ( الاستضافة ) ثارت ثورة القائد العام وفقد كل اساسيات الكياسة والمسؤولية وصرح باغرب ما يمكن ان تسمعه من رأس السلطة في العراق " انه اذا أضطر الى الحضور الى البرلمان فأنه سيقلب الدنيا وانه سوف يجلب معه ملفات تدين الكثيرين من اعضاء البرلمان وتثبت تورطهم في اعمال ارهابية او فساد كبير " على حد قوله ، وهذه طامة كبرى أخرى ، لأول مرة نسمع بان رئيس اعلى سلطة في البلد يتستر على القتلة (اذا كان أدعاءه صحيحاً ) ، اليس غريباً انه يقول ان هناك أعضاءاً في البرلمان يقدمون الدعم للارهاب؟ اليس غريبا ان يقول ان مسؤولين في الحكومة يستعملون سيارات وباجات الدولة في قتل الناس؟.  فما بقى في العراق يمكن ان يؤسف عليه؟ ، اذا انت ايها القائد العام تعلم بمن يشارك بقتل العراقيين وتحتفظ بالادلة لديك ، وتظهرها اذا شعرت بخطورة تهدد مستقبلك السياسي ، اما دون ذلك فالامر متكتم عليه وهو بالحفظ والصون . وماذا  يفعل ( قضائنا) المستقل في هذه الحالة ؟ بوجود نص صريح في قانون العقوبات العراقي يعاقب من يتستر على مجرمين او قتلة ، القضاء في العراق ليس "اعرجاً " فقط  بل انه مصاب بالشلل الرباعي ، ولو كان لدينا قضاء نزيه مستقل وبعيداً عن قبضة القائد العام ، وهي كلمة تثير الشفقة، لاطاح برئيس الوزراء وقدمه الى المحاكمة بتهمة التستر على القتلة ، لقد بات جلياً للشعب العراقي انه لعبة بيد السياسيين في السلطة ، والكل لديهم أدلة على بعضهم ، وتعلم كل جهة الطرف الاخر بما لديها لتتساوى كفة المساومة ، وبصريح العبارة " دعونا بشأننا ندعكم بشأنكم " ، فمن شاء ان يقتل فليفعل ومن شاء فليسرق فلا هناك من مانع ، فالفوضى العارمة التي تلف العراق كافية بالتعتيم على كل واضخم ملفات الفساد وملفات التواطؤ على قتل العراقيين ...  والعوض على الله