إنتاج التوافقات |
بين اعتصام النواب وتظاهرات الشعب ثمة قواسم مشتركة كبيرة أبرزها بالتأكيد ضرورة التغيير ليس الشكلي بل الجوهري والذي يتمثل بإنهاء دور المحاصصة الطائفية والقومية والبحث عن آليات عمل جديدة تنهي حقبة كانت سيئة جدا على العراقيين وتركت تداعيات كبيرة وأفرزت حالات فساد باتت ظاهرة خطيرة جدا وعطلت الكثير من مشاريع التنمية في العراق. والسؤال الذي يطرحه الشارع العراقي هل ستجنح القوى السياسية العراقية لتوافقات جديدة- قديمة كي تخرج من واحدة من أكبر أزماتها منذ عام 2005 لكونها أزمة مع شارع غاضب ويريد عملية إصلاح جذرية في ظل وجود نواب شكلوا قوة ضغط كبيرة على كتلهم السياسية؟ والشارع العراقي اليوم لن ينتظر ما ستؤول إليه الشراكة بين الكتل السياسية،التي اعتادت آلية واحدة للخروج من أية أزمة وهذه الآليات هي التوافقات التي أحيانا كثيرة تكون على حساب مصالح الشعب العراقي وبالتالي لا يمكن للشعب العراقي أن ينتظر توافقات جديدة بين الكتل السياسية لن تفرز له سوى أزمات جديدة ستطفو على سطح الأحداث فيما بعد. ومن يتابع المشهد السياسي العراقي سيجد إن حالتين لازمتا العملية السياسية في العراق منذ عام 2003 وحتى يومنا هذا،الأولى التوافق والثانية ألأزمة،ولا يمكن لنا أن نتجاهل هذا مطلقاً على اعتبار إن العملية السياسية في البلد ارتكزت على التوافقية بوقت مبكر جدا، وكلاهما تنتج الأخرى، فالتوافق ينتج أزمة في مرحلة من مراحله،والأزمة في حلولها تنتج التوافقات،هذا المشهد تكرر أكثر من مرة ليس في تشكيل الحكومات العراقية فقط بل حتى في أقرار الكثير من القوانين وبالتالي على القوى السياسية لكي تعالج أزمتها الحالية وهي مع الشعب العراقي وليس فيما بينها أن تنتهج أسلوب جديد أكثر واقعية من الذي اعتادت عليه للخروج من أزماتها لأن هذا ألأسلوب في معالجة المشاكل بينها لم يكن سوى (مخدر) وعلاج وقتي تعبر به القوى السياسية مرحلة حرجة لتدخل فيما بعد في منعطف أزمة جديدة وتوافقات جديدة. وبما إن هنالك حراك برلماني يتناغم مع حراك الشارع العراقي فلابد من أن تكون هنالك مخرجات جديدة لهذا الحراك تقضي أولا على المحاصصة الطائفية وتنتقل إلى تأسيس فكر سياسي جديد يقود العراق عبر المعادلة الديمقراطية السليمة والصحيحة والتي تتمثل بقطبين الحكومة والمعارضة كما هو الحال في الدول الديمقراطية سواء بنظام برلماني أو رئاسي. واليوم نجد إن مواطن الخلل في الديمقراطية العراقية كبيرة جدا ولا بد من مسارات جديدة تأتي لنا بعملية تصحيح لهذه الديمقراطية التي عانت كثيرا في السنوات الماضية،وبناء دولة ديمقراطية هدفها ألأول القضاء على الفساد وتشكيل حكومة مهنية قادرة على انتشال البلد من الأوضاع الحالية سواء الأمنية أو الاقتصادية وتحافظ على الوحدة الوطنية. |