الإيثار في الأزمات |
(بيتر سينجر )هوفيلسوف أخلاقيات استرالي. يشغل حاليًا منصب بروفيسور للأخلاقيات الحيوية في جامعة برنستون وهوأستاذ في مركز الفلسفة التطبيقية والأخلاقيات العامة في جامعة ملبورن يعمل بتخصص في مجال الأخلاقيات التطبيقية ومقاربة المواضيع الأخلاقية يقول حول موضوع الإيثار :”تقارير اليونيسيــــــــف في عام 2011 م ان هناك سبعة ملايين طفل دون سن الخامسة ماتوا من الامراض القابلة للوقاية والمرتبطة بالفقر وتعتقد منظمة اليونيسيف ان هذا شئ جيد لان هذا الرقم ينخفض بإستمرار من 12 مليون في عام 1990 م وهذا امر جيد حقا ولكن لا يزال السبعة مليون رقم جد كبير حيث يموت نحو (19000) طفل كل يوم وهذا مهم جدا ورغم انهم بعيدون عنا وانهم ليسوا امامنا ومن جنسيات مختلفة اومن عرق آخر ولا شئ يبدوذوصلة اخلاقية بالنسبة لنا ولكن نستطيع ان ننقذ حياة الكثير من هؤلاء الاطفال الذين يموتون يوميا والسبب لان كل واحد منا ينفق مالاً على الاشياء التي لا نحتاج اليها حيث يمكن ان تأخذ المال الذي تنفقه على تلك الاشياء التي لا لزوم لها ونتبرع به للاطفال اوالاشخاص المحتاجين مثل معالجة مرض الملاريا في الدول الفقيرة وبذلك نقلل من الناس الذين يموتون من الملاريا .الكثير من الناس يتفهم هذه الفكرة والنتيجة هي حركة متنامية من (الايثار الفعال) ، انها مهمة تجمع بين العقل والعاطفة ، العاطفة ما نشعر به ونتعاطف به مع هؤلاء الأطفال اما العقل فهوللتأكد من ان ما نفعله هوفعال وموجه بشكلٍ جيد وصحيح ومناسب ، وان المنطق يلعب دورا مهما ذلك لكي نفهم بأن الناس الآخرين اينما كانوا ، هن اناس مثلنا يعانوا كما نعاني نحن ، فالآباء يفجعون لمقتل ابنآئهم مثل ما نفعل وانه مثلما تهمنا حياتنا ورفاهيتنا ، فهي تهمهم كذلك بنفس الدرجة لذلك اعتقد بان المنطق ليس مجرد اداة واقعية للحصول على كل ما تريد بل تساعدنا كذلك في تكوين تصور لأحوالنا ، وهذا هوالسبب في أن أكثر الناس أهمية في الإيثار الفعال هم أولئك الذين لديهم خلفية في الفلسفة اوالإقتصاد أوالرياضيات . وهذا قد يبدوا مستغرباً، لأن كثير من الناس يظنون ، “بأن الفلسفة بعيدة عن العالم الحقيقي ، والإقتصاد يقال عنه بانه يجعلنا اكثر انانية وان الرياضيات كما يقال هي للمعقدين ” ، في الحقيقة ان هذه العلوم تحدث فرقاً، فهناك فلاسفة اوعلماء ويمارس الإيثار الفعال لانه لديه هذه المواهب ، وان الفهم المنطقي لوضعنا في العالم هوان لكل حياة قيمة متساوية ، وكما يستخدم الفلاسفة اوالرياضيون اوالاقتصاديون ذكائهم للتأكد من فاعلية أعمالهم وانجازاتهم الكبيرة ، فان الايثار الفعال كان لديهم عالي جداً. وربما نقول هذا جيد إذا كنت غني جداً يمكنك ان تقوم بمثل هذا التاثير ، لكن اذا كنت فقير ماذا يمكنك ان تفعل ؟ ، ولكن ليس بالضروري ان تكون غني جداً ، فهذا ( تايبي أود ) باحث في مجال الفلسفة في جامعة إكسفورد اصبح من المؤثرين الفعالين عندما قام بحساب انه ماله الذي يجمعه عادة من عمله الأكاديمي يستطيع ان يكفي لشفاء ( 80000) من العميان في بعض الدول النامية ، ويتبقى له بعض المال ليعيش بمستوى لائق تماماً، وطلب من الناس بالتبرع بعشرة بالمئة مما يكسبون خلال حياتهم كلها لمحاربة الفقر العالمي ، وآخر اسمه ( مات وايجر ) وهوطالب يدرس الفلسفة والرياضيات في برنستون وفاز بجائزة أفضل طالب في أطروحة الفلسفة وعندما تخرج انتقل الى قطاع المال ويكسب مبلغ من المال الكافي حيث يتبرع بمبلغ لصالح الاعمال الخيرية الفاعلة ويبقى له ما يكيفيه للعيش “ ويتحدث الاستاذ (سينجر) عن كتابه قائلاً “انه الف كتاباً يهدف الى تغيير ثقافتنا لكي نجعل المزيد من الناس يفكرون في الايثار وانه إذا كنا سنعيش حياة أخلاقية فإنه ليس كافياً ان لا نحتال اونغش اونسرق فقط ، بل نشارك ما لدينا عند اكتفائنا مع الناس الذين لا يملكون إلا القليل . “ويتحدث البرفيسور ( سينجر ) عن الفاعلية فيقول “ان بعض الاعمال من الفعالية هي اكثر بمئة مرة اوالف مرة من الاعمال الأخرى ، لذلك كن المهم ان نحدد الاعمال الأكثر فاعلية من غيرها ، فمثلا توفير كلب لإرشاد شخص اعمى ، هوعمل صائب للقيام به ولكن عليك التفكير ماذا يمكن ايضاً تحقيقه بهذه الموارد التي تكلف لتوفير الكلب لشخص اعمى قد تساعد في العلاج أكثر من اربع مئة الى الفين من الاشخاص الذين يعانون مرض التراخوما في الدول النامية ، والفرق واضح بين العملين . “ويتسائل البروفيسير ( سينجر ) عن إن بعض الناس يعتقدون إن العطاء حمل ثقيل ولكن يقول انه استمتع بالعطاء في حياته كلها وهوشئ يرضي النفس ، وان بعض الاشخاص يحاربون الكآبة بالايثار الفاعل ، بل ويجعل الكثير من الناس سعداء بالايثار ويعالج الكثير من الامراض النفسية . وينهي حديثه بقوله “عندما تعمل جاهداً لكسب المال وتنفق مالك على السلع الاستهلاكية التي تتمنى ان تستمتع بها وثم يذهب المال وتعمل بجهد كبير لكسب المزيد والمزيد للحفاظ على مستوى من السعادة وذلك نوع من المتعة المفرغة التي تزول بمجرد تحققها ، ثم لا تستطيع الخروج من هذه الدائرة المفرغة ولا تشعر مطلقاً بالرضا ، ولكن عندما تصبح مؤثر فعالاً فهذا يعطيك المعنى والإنجاز ويعطيك اساس متين من إحترام الذات التي تمكنك من الشعور بأن حياتك ذات قيمة عالية .ً ألإيثار عند الخصاصة هوبمعنى: بذل المعروف، والجود ولوبالمال القليل حتى وان كان الشخص الباذل بحاجة إلى هذا الشيئ ، وذلك ما أكدته الاية (9) من سورة( الحشر ) حيث اشارت الى ايثار النفس حتى عند الحاجة واكدت الاية في آخرها على ضرورة الوقاية من البخل اوالشح ، ومن الملاحظ ان الاية (16) من سورة (التغابن) اكدت ايضاً في نهاية الآية على الوقاية من البخل وأشارت بشكل واضح الى ان الانفاق وانه هوخير لنفس الانسان فهويعالج ويقي الكثير من الامراض وكما أكدت ذلك ابحاث البرفيسور (سينجر) . إذاً الايثار وبذل الفضل من الأموال للآخرين هومن أهم الاعمال التي يجب ان يقوم بها كل الناس على حد سواء من غني اوحتى فقير لانها تعم الفائدة على الكل وحتى المتبرعون أنفسم الذين سوف يتمتعون بصحة جيدة وسلام ورضا عن النفس . |