لم تمنع المآسي والكوارث، والأحزان الكبيرة، الدماء التي سالت، والدموع الغزيرة طوال الحروب الخارجية التي رافقت حكم صدام حسين والصراع الداخلي بعده، ظهور طبقة سياسية تمتهن التهريج، وتتأخذ من العمل السياسي سيركاً، ومسرحاً، سخرية القدر، وقلة الحيلة جعلتا منا مرغمين، جمهوراً دائماً، مواظب على حضور عروض بهلوانيات رؤساء الكتل وإستعراضات النواب، ومن أستوزر منها، بدت حادثة إقتحام نواب الإعتصام لقاعة المجلس للحيلولة دون التصويت على الكابينة الوزارية "بروفة" لـ"إجتياح" أنصار التيار الصدري المنطقة الخضراء، و"إحتلال" البرلمان بعد ان لاذ نوابه بالفرار خشية البطش، إحتلال أطاح بآخر ماتبقى لنا من أطلال دولة، وهيبة أعلى سلطة تشريعية، ورقابية رغم مالطخ سمعتها من مفاسد وسوء أداء. نقاط بيانه، كلمته المتلفزة، فصل آخر من كوميديا سوداء قبل إعتكاف، سبات وصمت لشهرين، عليكم بما أُريد وإلا فقد حفظ الكومبارس النص، والدور وأجادوا الوقوف على الخشبة، مطيعون، لا يعصون لنجم الشباك أمر، الإختلاف مع السيد المالكي لايمنع من الإتيان بنص تغريدته "أي إصلاح هذا يأتي تحت تهديد السلاح"، سابقة خطيرة تؤسس لظاهرة أخطر، جعجعة السلاح من تحكم وتؤطر بناء الدولة، آلاف الشباب المندفع والمعجب بأداء زعيمه أن يحددوا للناس مستقبل بلادهم "أنا أمثل الشعب"!. لا يختلف إثنان على فساد الطبقة السياسية، والأحرار بالتأكيد جزءاً منها، إن لم تكن في مقدمتها فساداً، حاجة البلاد لإصلاح حقيقي، محاسبة المفسدين وإسترجاع ما نُهب، تحتاج لحوارات، ومكاشفة وتشريعات، الحلول الثورية، والتلويح بالقوة ينتجان حلولاً آنية، سرعان ما تتلاشى متى ما خبى نجم، وتراجع أداءه ورغب الجمهور بعرضٍ جاد، إصلاح يؤسس لمستقبل خالٍ من الهزات كلما أعتلى أحدهم مسرحنا وجلد ظهورنا بكوميديا أكثر سواداً.
|