صحفيون عراقيون يتحدثون عن "تهديدات" تسبق "قتلهم" باستفادة سياسية تخفي ملفات فساد

 

 

 

 

 

العراق تايمز: يعتقد صحفيون في محافظة نينوى أن مناخ العمل الصحفي في العراق لم يطرا عليه تغيير كبير عما كان عليه قبل عام 2003 رغم وجود عشرات وسائل الإعلام في مختلف أنحاء العراق في حين كانت وسائل الإعلام تقتصر فيما مضى على إعلام الحزب الحاكم.

ويندرج العراق ضمن الدول الأكثر خطرا على حياة الصحفيين، وسقط مئات العاملين في قطاع الإعلام منذ 2003 في خضم النزاعات والتوترات الامنية.

وقتل العديد منهم على يد متشددين اسلاميين مرتبطين بتنظيم القاعدة كما كانوا هدفا لعمليات اغتيال غامضة فضلا عن سوء معاملة واعتداء من السلطات الحاكمة.

وينظر الكثيرون الى نينوى بأنها أحد آخر معاقل تنظيم القاعدة في العراق، والتنظيم المتشدد لا يزال يجد هناك موطئ قدم من حيث فرض الاتاوات على المواطنين والتحكم ببعض مفاصل حياة الناس.

إلا ان نفوذ القائمين على إدارة المحافظة يشكل عبئا آخر على مناخ العمل الصحفي في نينوى، ويوجه العاملون في هذا الحقل أصابع الاتهام إلى المسؤولين باستخدام نفوذهم لتضييق الخناق عليهم.

ففي الأول من آذار مارس الماضي وأثناء حشد جماهيري جمع ابناء محافظة نينوى في ساحة الاعتصامات وسط الموصل احتجاجا على سياسة الحكومة العراقية، أنهال عناصر من القوات الأمنية المتواجدة هناك بالاعتداء بالضرب على الصحفي وضاح حسن الذي يعمل في قناة تابعة للحكومة المحلية اثناء قيامه بتغطية الحدث.

وكان ذلك الحادث الثاني من نوعه الذي يتعرض له حسن خلال شهر وأدخل في المرة الأولى الى المستشفى لمداواة جروحه دون أن يتم محاسبة أحد أو يرد له اعتباره من قبل أية جهة، كما يقول خلال حديثه لـ"شفق نيو".

لكن زميله صالح الياس متخوف أكثر من تهديدات المتشددين الذين يعمدون إلى شجن هجمات دموية بدم بارد ضد مدنيين وقوات الامن على نحو شبه مستمر.

ويؤكد الياس أن "تهديد الإعلاميين هي الخطوة التي تسبق عملية القتل وتقف وراؤها جهات عدة لم تقتصر على المجاميع المسلحة فقط".

ويرفض الياس تسمة تلك الجهات بالإسم، لكنه ويشير الى أن "من يهدد الاعلام مصالحهُ فهو مستفيد من تقييد حرية الإعلام، والسياسيون ابرز هؤلاء بما ان الكثير منهم له ملفات فساد واغلبهم مقصرون في عملهم ولم يفوا بوعودهم لناخبيهم فأنهم ليسوا مع اعلام حر قادر على ان يفضح أخطاءهم أو مؤامراتهم ضد المواطن".

ويقول أيضا إن "الأجهزة الأمنية تقيد كثيرا من عمل الإعلاميين ولا تسمح لهم حتى بأخذ صورة فوتوغرافية إلا بموافقتها، فكيف لي اذن كإعلامي ان اصور احدهم وهو ينهال بالضرب على مواطن مدني؟ بالتأكيد لن استطيع إلا خلسة، وبعد ان اعرض نفسي لمخاطر، وتجار العنف كلهم يضيقون الخناق على الاعلام".

ويوجد في العراق حاليا عشرات وسائل الإعلام بمختلف أنوعها المرئية والمسموعة والمقروء ومعظمها مملوكة لأحزاب سياسية وشخصيات نافذة في ظل عدم التوجه لدعم وسائل إعلام مستقلة.

ويعتقد الياس بأن هذا الامر ترك أثرا بالغا في حرية العمل الصحفي، حيث يضطر الصحفي إلى الالتزام بالخطوط التي تفرضها الجهة المالكة مما يؤثر كثيرا على مهنية العمل.

ويلفت أيضا الى ان السياسيين هم في الغالب مصادر الحصول على المعلومة وبالتالي يجب عدم ازعاجهم من خلال منابر الاعلام وكذلك الدوائر الحكومية التي تزود وسيلة الإعلام بالإعلانات، وكلها قيود على حرية العمل.

زياد طارق السنجري صحفي مستقل رفض العمل مع وسائل الإعلام المملوكة من قبل السياسيين، ليحافظ على هامش الحرية المتوفر، ويؤكد في حديثه لـ"شفق نيوز" "عدم وجود إعلاميين محترفين يعملون في وسائل إعلام سياسية أو قريبة من السياسيين. هم أبواق مستأجرة أكثر مما هم إعلاميون".

ويشير إلى أن "الاعلامي المستقل أو من يعمل لدى قنوات إعلامية مستقلة غالبا ما يواجه مضايقات"، ويؤكد بالقول "المشكلة ليست تشريعية فكل القوانين تضمن حقوق الإعلاميين في العراق بل هي مشكلة تنفيذية خاصة بعمل القوات الأمنية وتعاملها مع وسائل الإعلام والإعلاميين".

وأصيبت الصحفية نارين البك العام الماضي بجروح وحروق بهجومين انتحاريين استهدفا محالا لبيع المشروبات الكحولية في ناحية بعشيقة شمال الموصل عندما كانت تغطي التفجير الأول.

وبدت مستاءة من عدم التفات الحكومة إلى تعرضها للجروح وعدم تلقيها أي دعم مادي أو معنوي.

وتقول إن "الصراع بين السياسيين والإعلاميين موجود في كل الدول حتى الديمقراطية منها، فالصراع مرتبط بخوف السياسيين من كشف أوراقهم وملفات الفساد أمام الرأي العام".

وتضيف بأن "هناك قلة كفاءة لدى الإعلاميين في نينوى ويفتقدون إلى المهارة في الوصول إلى المعلومة".

وبحسب أرقام مرصد الحريات الصحفية فإن 261 صحفيا فقدوا حياتهم منذ 2003، 145 منهم قتلوا بسبب عملهم الصحفي فضلا عن 52 فنيا ومساعدا إعلاميا.

كما اختطف 64 صحفيا ومساعدا اعلاميا وقتل أغلبهم فيما لا يزال 14 منهم في عداد المفقودين.

 

المصدر:shafaaq