أمريكا ومسرحية مقتدى الهزلية

اظهرت احداث البرلمان العراقي، ومظاهرات مقتدى الصدر زعيم التيار الصدري ، هشاشة السلطة وفشل عمليتها السياسية ، وانهيارها ، وانحدارها نحو هاوية الحرب الشيعية-الشيعية،وتنمر الميليشيات ونزولها الى الشارع لاحتراب لايعرف احد نهايته ، ولو عدنا الى أس المشكلة،وجوهرها، هو ضعف حيدر العبادي وهزالة اداءه السياسي، وعدم حسم قضية تشكيل حكومة التكنوقراط المزعومة ، التي تقاتل عليها (الاخوة الاعداء)، في الكتل السياسية ورفضوا انهاء المحاصصة الطائفية التي يتبجحون ويعترفون بانها (ام الازمات)، ومع هذا يصرون بكذبهم ويطالبون بالغائها، وعندما يختار العبادي اسماءا من خارج الاحزاب والكتل، تثار ثائرتهم ، وهكذا وامام مظاهرات مليونية شعبية قادها وجيرها مقتدى الصدر لصالحه ، اجتاح بها المنطقة الخضراء ونصب خيمته عند بوابتها،وعندها ادرك الخصوم بان الاوضاع ستنحدر للاسوأ ومنهم العبادي ، فقبلوا بشروط الصدر، وانتهى الاعتصام ورفعت خيمة الصدر، وتم تقديم قائمتين للبرلمان من اختيار العبادي والتوافق مع رؤساء الكتل، كحل توفيقي، سميت وقتها(حكومة الظرف المغلق)، وفي اليوم التالي حصل هرج ومرج داخل قبة البرلمان ، وظهرت فئة ضالة يقودها نوري المالكي من خلف ستار دولة القانون، وانقسم البرلمان الى برلمانين، وكان نصاب المعتصمين النواب كاملا في يومه الاول ، وتم انتخاب رئيس للبرلمان واقالة سليم الجبوري، الا ان الضغوطات الامريكية وتهديداتها المباشرة، وضغوط ايران وتهديداتها ، والايعاز لهادي العامري ومقتدى الصدر بضرورة سحب انصارهما ،من (برلمان نوري المالكي وسنته)المعتصم داخل قبة البرلمان (وفارشين يطغاتهم فيها)، قد اربك الطرف الاخروافشل مساعيه لتغيير الرائاسات الثلاث كما كان مقررا ، وهكذا فشلت عودة المالكي للسلطة ثالثة، ولكن ماذا حصل بعدها، وماهو الفصل الاخير من المسرحية، التي بطلها مقتدى الصدر، عاد ليؤدي المشهد الاخير، بعد ان ظهر وتبرأ من بوابه ووزرائه، في حكومة العبادي، وانه اتعكف العمل السياسي، وكالعادة عاد في اليوم التالي ، بعد تصريحات وانتقادات من خصومه في التحالف الوطني، ودعا الى مظاهرات حاشدة لاجتياح البرلمان ومجلس الوزراء، وهكذا تمت عملية اقتحام البرلمان واسقاطه والدوس على (هيبته)، بترحيب من قوات الامن وهلاهلها للمتظاهرين، وامام اعين رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء ورؤساء الاحزاب والكتل ، وتم اهانة اعضاء البرلمان بالسب والشتم والركل والضرب على مؤخراتهم ،اهانة مستحقة ، وخرج قسما كبيرا منهم مهرولا ولاجئا الى سفارة اوباما ،وتوجهوا مقر رئاسة الوزراء، بعد ان عبثوا وكسروا مقاعد البرلمان وجلسوا على مقعد الرئيس ونائبيه، وانتهت المسرحية الدرامية بنداء من الصدر للانسحاب خارج المنطقة الخضراء، بعد تدخلات امريكية وانذارات ايرانية ، وهجومات من عمار الحكيم ونوري المالكي وعصابتهم، واصفين اللاحداث بانها غوغاء وتحت تهديد السلاح ولاتقل عن اعمال وافعال داعش وان البعثيين وراءها وانها انقلاب على العملية السياسية ، فماذا حصل بعدها هجوم التحالف الوطني ورموزه وتهديداتهم لمقتدى الصدر، وتحريك قوات بدر وسرايا الخراساني وعصابات وميليشيات المالكي من حزام بغداد الى شوارع بغداد ، قد اوصل الامور حد الاشتباك بين انصار مقتدى وسرايا السلام وبين بدر والعصائب وسرايا الخراساني في احياء من الشعلة والصدر، وذهبت حشود الصدر وانصار الى ساحة الاحتفالات الكبرى ، ليكون نهاية المشهد التمثيلي هناك ، وانفجار دمعة عملاء ايران ، عندما هتف المتظاهرون بكل قوة ، ايران برا برا  بغداد تبقى حرة، ومقتدى رباني ياقاسم سليماني، حتى اصم بها المتظاهرون اذان المرشد خامنئي، وملالي طهران وقادتها، وجن جنونهم ، وجن جنون عصابات خامنئي في بغداد، وهاجم انغولة خامنئي المتظاهرين ووصفوهم بابشع الاوصاف لانهم حطموا الصنم الايراني في قلب بغداد ، واستدعي مقتدى الصدر فورا الى طهران على متن طائرة ايرانية خاصة ، من قبل خامنئي وحاشيته ، لتقديم الاعتذار والاساءة لايران ،من قبل المتظاهرين الذي يحسبون على مقتدى، وهنا يسأل العراقي الشريف،( ماذا لو قاد السيد اسامة النجيفي مثلا )هذا التظاهرات لمجلس النواب، وحطم المتظاهرون ما حطمه اتباع مقتدى، وانسحبوا الى ساحة الاحتفالات وهتف المتظاهرون تسقط  السعودية) ومن ثم تستدعيه المملكة العربية السعودية وملكها ، ما هو موقف ايران وعملاؤها واحزابها الطائفية وابواقها ،في العراق ،اكيد ستقوم الدنيا ولن تقعد ، ان ما شهده مجلس النواب من اهانة وفقدان الشرعية الدستورية، كما هو سقوط واهانة حكومة العبادي، وفقدانها للشرعية الدستورية(رغم عدم اعترافنا بها لانها نتاج احتلال امريكي)،جاءت بانتخابات مزورة ، يشهد بها كل العراقيين ومن في العملية السياسية ،ولكن عليها ان تعترف انها وبرلمانها وكل العملية السياسية قد فقدت الشرعية ، رغم ان التظاهرات جيرت لصالح مقتدى وشابها الشك في نواياها، ولكن الشارع العراقي قال كلمته ، وعبره عنها مدوية واضحة ايران برا برا ، اي ان ايران وميليشياتها واحزابها هي سبب خراب العراق ودماره، وانه لايصلح دون ان تكون ايران فعلا(برا برا)، هي وميليشياتها واحزابها وعملاؤها ، واسقاط دستور بريمر المسخ ، واعادة العراق الى محيطه العربي وحضن امته المجيدة ، لاسيما وان الدول العربية ادركت (متأخرة جدا)، ان ايران هي الخطر الاعظم على الامة العربية حاضرها ومستقبلها ،وليس غيرها ،ومع هذا فان الاوضاع الان مازالت تنذر بالمزيد من الانهيار ،والتردي والتصارع على المناصب والمغانم ، في ظل تفاقم ازمة تشكيل حكومة عابرة للمحاصصة الطائفية،التي يصر عليها مقتدى وانصاره، ولكن كيف هو المشهد الان ، اي ماذا بعد مسرحية مقتدى الفاشلة ، ربما وبعد دعم امريكي واضح لحيدر العبادي ،سنرى حكومة قيصرية اليوم وغدا،حكومة اللحظة الاخيرة، وعودة التئام مجلس النواب بجلسة فاقعة مهانة ، مثل(الكنة التي عادت لبيت زوجها بعد زعل)، على العموم ، ما يهمنا هنا، ليست تشكيل حكومة آيلة للسقوط باية لحظة، ولكن ديمومة العملية السياسية (المحال)، فالتحالف الكردستاني يرفض العودة الى بغداد ونوابه في الاقليم  يرفضون حضور جلسات البرلمان، واياد علاوي يرفض المشاركة باي اجتماع رئاسي لايجدي، وقد ابلغ الرئاسة بذلك، والتحالف الوطني يشهد انشقاقات واحتراب وصراع وحرب شيعية شيعية ظاهرة،تنبىء بالاشتباك باية لحظة ، وهذا الاحتمال قاب قوسين وادنى ، وننتظر نتائج زيارة مقتدى لايران وانهاء اعتكافه ، نقول بثقة ،العملية السياسية انتهت وفقد شرعيتها واهليتها في ادارة السلطة المتهرئة اصلا، وربما الايام المقبلة تشهد صراعا اشد واقوى ،مما شهدناه في قبة البرلمان ، لان الصراع بين الكتل على المناصب واهناء المحاصصة ما زال قائما، دون ان يقبل احد منهم التخلي عن غنائمه ، وينزل من بغلته ، وعلى امريكا ،ونحن نسمع تسريبات تؤكد ان لها سيناريو جديد يغير الاوضاع 180درجة ، بعد ان ايقنت تماما ان من في الحكم لايصلح(بائع غاز) وليس حاكما، وايقنت ايضا بل وادركت مبكرا ان العملية السياسية التي تشرف عليها وتديرها من الغزو ولحد الان، والتي كانت تعول عليها في نشر التسامح والديمقراطية الامريكية وتقاسم السلطة وعدم الاقصاء وتحقيق مصالحة وطنية حقيقية ،كل هذا ذهب ادراج الرياح، لذا وبعد كل (التضحيات الامريكية)، تصطدم بالفشل ، هذا امر لاتقبل به ،لاسيما وان ظهور تنظيم داعش والميليشيات ونفوذ ايران هو احد فشل عملائها الذين جائت بهم ، وعليها ابدالهم قبل فوات الاوان ، وتمدد الارهاب الايراني والتنظيمات الاسلاموية المتطرفة ،في عموم المنطقة وخاصة سورية والعراق، ان مسرحية الصدر ماهي الا الغطاء الذي كشف عورة وهشاشة حكومة العبادي، وتخلي الكتل المشاركة في الحكومة عنه في احرج اوقاته، بل ساهمت من خلال اصرارها على المحاصصة على اسقاطه واقالته، وهكذا نرى المشهد السياسي العراقي هزيلا، واحزابه فاسدة وفاشلة همها الاول والاخير المناصب ونهب ثروات البلاد، دون الالتفات على معاناة شعب العراق بين مهجر ونازح ومحروم وقتيل ومعتقل ،في عراق ،لايملك الا الافلاس والاحتراب الطائفي والفشل والفساد ،عنوانا لحكومات فرضها المحتل الامريكي وسلمه لايران وميليشياتها ، الذي كانت نتائجه ظهور وسيطرة تنظيم داعش على ثلثه وذبح اهله من الوريد للوريد ، امريكا ومهزلة مسرحية مقتدى ،هما عنوان لمرحلة جديدة في العراق ، لايمكن التكهن ما ستخفيه الايام المقبلة لها.....