القنفات والطاولة المستديرة ؟

 

رنَ هاتفي في ساعة متأخرة من الليل، عادة ينتابني القلق من الأتصالات الليلة في ظروفنا المعروفة، نظرت الى اسم المتصل فأذا به أحد الأصدقاء الصحافيين، لم أحتمل الأنتظار فتحت الخط بادرني بالسلام والسؤال عن العطلة الأجبارية التي وجدنا أنفسنا متمتعين بها علما ان الصحفيين يكرهون العطل، وأكمل.. كيف ستقضيها وهل خرجت خارج المنطقة، كنت أصغي اليه بإهتمام كبير لا لشئ إنما لأني أنتظر (الزبدة) كما يقولون فليس من المعقول أن يتصل صديق من نوع المتصل في وقت متأخر من الليل بدون سبب منطقي، في تلك اللحظات راودتني أفكار سوداوية كثيرة، لكنه باغتني بالسؤال عن أسعار “القنفات” في منطقتنا، قلت له، نعم.. هل أنت في وعيك، هل تتحدث في منامك، تتصل لتسأل عن أسعار القنفات، ضحك بحركة وبصوت عال، بعدها قال: ألم تتصفح الفيسبوك اليوم ؟.

 

رددت عليه بنبرة ساخرة، وما علاقة الفيسبوك بـ (القنفات) أيها الحذق، أستمر في ضحكه وكأنه سمع نكتة جديدة، ثم أردف قائلاً: يبدو أنك لا تأبه لهيبة الدولة ! .. لم أفهم غرضه وخباثة أسئلته وضحكه المتواصل، في هذه الأثناء فتحت صفحتي في الفيسبوك، وما هي الا لحظات حتى فؤقت بطني من الضحك… فإذا عرف السبب بطل العجـــب .

 

وإمعاناً في تندره وسخريته، سألني عن رأيي في البيان الصادر عن الرئاسات الثلاث بعد إقتحام آلاف المواطنين بناية مجلس النواب؟ بصراحة اعجبني السؤال لأني كنت أفكر بتخصيص عمودي الأسبوعي له، وعليه لم أجد حرجاً من رد السؤال بسؤال، ما رأيك أنت؟ فقال أتوقع إن رأيي يتطابق مع رأيك بأن البيان كان خيبة أمل أخرى أزعجت الجماهير الغاضبة وزادتها إحتقاناً ورفضاً للمتسلطين والفاسدين المتمسكين بالكراسي والمحاصصة مرة تحت شعار التوافق (الوطني) ومرة أخرى تحت شعار الشراكة (الوطنية).

 

قلت له وما رأيك بطاولة الأجتماع، رد فوراً .. ماذا تقصد ؟.

 

أقصد إن الطاولة التي يجلس على جانبيها الأيمن والأيسر فريقان وليس فريق واحد ، وكأن المباحثات تجري بين فريقين من دولتين وليس فرقاء من دولة واحدة، في مثل هذا النوع من المباحثات يجب أن يختار رئيس الجمهمورية طاولة مستديرة تضم الجميع، لاحظ مثلا طاولة الحوار اللبناني أليست مستديرة ؟.

 

قال نعم ، كذلك.. هل أنتبهت إن الجانب الأيمن يضم رئيس الجمهورية ورئيس مجلس النواب ورئيس كتلة الوطنية وممثل عن إتحاد القوى، فيما يضم الجانب الأيسر رئيس الوزراء ورئيسي كتلتي الاتحاد الوطني والمواطن ومنظمة بدر والشهرستاني ويتكرر الجلوس بالطريقة نفسها كل مرة.

 

ولا أعرف هل هي مصادفة أم إنها جلسة بروتوكولية، ومن خطط أو نصح أو أشار على رئاسة الجمهورية لتختار القاعة والطاولة الخطأ، بتواضع أنصح المعنيين في الشأن البروتوكولي في الرئاسة أن ينتبوا للموضوع لأنه يحمل في طياته معاني سلبية، ويوحي بأن الدولة العراقية تتكون من فريقين متخاصمين يحاولان تقريب وجهات النظر بينهما، ولايقتصر الموضوع الى هذا الحد وينتهي، فهناك خلل آخر هو عدم وجود ناطق رسمي يتحدث عن نتائج الإجتماع مباشرة في وقت تترقب فيه الملايين بلهفة صدور بيان رسمي، وفي العادة يكتب بأسلوب دبلوماسي من الطراز الثقيل وكأنه يتحدث عن موضوع آخر لا علاقة له بالإجتماع.

 

غلبني النعاس إستأذنت من صديقي المشاكس لإذهب الى فراشي وأحلم بلي ناسيني !!.