عراقيات ضحايا لخدع التسوّق على الانترنت

تستغرق بان علوان في حلمها وهي تفكر في الفستان الذي سترتديه يوم خطوبتها ومثل أي فتاة أخرى ينتابها القلق من يوم مهم في حياتها وهو يوم خطوبتها فتستغرق وقتا طويلا وتغرق في الخيال وهي تفكر بشكل ولون الفستان والهيئة التي ستبدو عليها ساعة الحفلة.

بان عرجت على العديد من المحال التجارية علها تعثر على ضالتها وشراء فستان مميز لحفل الخطوبة لكنها لم تقتنع بما تعرضه المحال وكانت تعود كل مرة من جولتها في الأسواق خالية الوفاض.

جلست ذات مرة تقلب صفحات الفيس بوك وتنظر في الإعلانات العرضية ولم تصدق حين وجدت في احد الإعلانات الممولة على صفحات الفيسبوك فستانا بنفسجيا يشبه الفساتين التي ترتديه ممثلات هوليوود خلال حفلات التكريم.

لون الفستان وتصميمه الذي يضيق عند الخصر ويمتد واسعا من الأسفل بشكل جميل جعل دقات قلب الفتاة تدق بسرعة من الفرح لأنها لم تصدق أن تحصل على ما تريد بهذه السهولة.

سارعت بان إلى طلب الفستان عبر مراسلة صفحة المتجر على الفيسبوك وتم الاتفاق على تزويدها بالفستان مع خدمة التوصيل.

بان غاصت أسبوعين من التأمل بانتظار وصول الفستان وهي ترسم في مخيلتها صورا ملونة عن حفلة الخطوبة وكيف ستظهر به أمام صديقاتها وكيف ستكون طلتها في الفستان الهوليودي.

وبعد الانتظار والترقب وصل الفستان إلى بيتها ومع وصوله مات حلمها الوردي وماتت فرحتها اذ لم يكن الفستان إلا ثوبا عاديا لا يمت بصلة إلى الفستان الذي شاهدته على صفحة الفيسبوك والذي كلفها ثمناً باهظاً جداً.

وتقول إنها حاولت عبثا رفض الفستان واسترجاع المال، لكن ذلك لم يكن ممكنا لان أصحاب الإعلان لم يكن لهم موقع معين يمكن مراجعته، وابتسمت ابتسامة هي مزيج من السخرية والوجع وهي تتحدث عن التباين في التصرف.

تذكر بان إنها عندما طلبت الفستان تحدث معها شخص باحترام يليق بموظف شركة مرموقة وثبت قياساتها وحجمها واخذ المال مقدما وحين سلمها الفستان المغلف داخل علبة اكتفى بتسليمها العلبة ودعاها الى مراسلة الموقع في حال لم يرق لها الفستان وانصرف سريعاً.

التسوق عبر الانترنيت ظاهرة يصفها كثيرون بالحضارية لأنها تتيح للمتسوقين وقتا مناسبا لاقتناء ما يحتاجونه من خلال تأمل المعروضات المعلن عنها في الإعلان والتوصل إلى قناعة في الشراء.

ويعتقد كثير من الناس ان التسوق الالكتروني يختصر الجهود ويوفر خدمة توصيل البضاعة الى البيوت وهذه عوامل تساعد من لا يملكون الوقت الكافي لزيارة المحال واقتناء حاجاتهم وساعد الاعلان الممول على صفحات الفيس بوك على توسيع الشرائح التي تشتري بضاعتها بهذه الطريقة.

تجد الفتيات فرصة مناسبة في تأمل إعلانات الملابس والإكسسوارات ومواد التجميل ويبادرن الى الاتصال بالصفحات للاتفاق على شراء ما يرغبن به.

بعض العائلات لا تسمح لبناتها بالخروج الا بمرافقة الأب او الأخ او الزوج خوفا من الأوضاع الامنية والاختناقات المرورية فضلا عن عدم تفرغ أولياء الأمور لمرافقة بناتهم في جولات طويلة داخل الأسواق، والمحال التجارية وبذلك فإن التسوق عبر الانترنت يبدو بديلا رائعا وعمليا لهن.

لكن غالبية الفتيات وقعن ضحايا لعمليات نصب بسبب الفرق الكبير بين ما يشاهدنه في الإعلان وما يصل لهن من مواد اتفقن على شرائها عبر الانترنيت.

بان ليست الضحية الوحيدة بل هي واحدة من بين طابور طويل من الفتيات اللواتي خدعن بالتسوق عن طريق الانترنت.

ويقول معنيون ان أصحاب الإعلانات يعرضون بضائع أصلية لمنتجاتهم بينما يزودون المستهلكين بمنتجات عادية او هي تقليد مزيف للمنتجات الأصلية ومن دون أن يكون لهم موقع حقيقي.

الفتاة المحبطة تلقت درسا قاسيا في اقتناء فستان الخطوبة ولفتت نظر صديقاتها وحذرتهن من التعامل مع أصحاب هذه الإعلانات كي لا يقعن ضحايا مثلها.

فاطمة عبد فتاة هي الأخرى تعرضت للنصب والخداع من خلال تسوقها عبر الانترنت.

تقول فاطمة إنها أرادت شراء جهاز تلفاز جديد لمنزلها وقررت تجربة الشراء عن طريق الانترنت لما يوفره الشراء من خصم وتوصيل مجاني.

وتؤكد انها طلبت شراء تلفاز يحمل مواصفات مميزة شاهدته في احد الإعلانات وعندما تسلمت الجهاز وجدت انه اصغر حجما من النموذج المعروض في الاعلان الممول على الانترنت.

وتتابع حديثها بان "الجهاز كان عاطلا وهي تأسف لتعرضها للنصب بسهولة وضياع المال الذي وفرته في شهور".

لا جدوى من الأسف فلم يكن بوسعها كسر الجرة واستعادة المال هكذا تقول فاطمة التي عبرت عن غضبها بالقاء جهاز التلفاز في حاوية الأوساخ وأمام أنظار الجيران.

زينة ماجد أيضاً اشترت بنطالا من الجينز عبر الانترنت تقول ان جماله وسعره أغرياها ودفعاها لاقتنائه لتباهي به زميلاتها في الجامعة وتفتخر أمامهن.

زينة كما تقول حدثت زميلاتها عن البنطال الجميل حتى أصيبت الفتيات بالفضول لرؤيته.

وجدت الفتاة كما تقول سهولة في الاتصال بالصفحة والاتفاق على الشراء لان ذلك يجنبها إضاعة الوقت وان والدها لا يسمح لها بالخروج بمفردها خوفا عليها من الأوضاع الأمنية كما ان زحام شوارع بغداد يصيبها بالقرف، كما تعبر.

لم يكن حال زينة أفضل من سابقاتها فقد أصابتها الدهشة حتى ظنت أن أصحاب المتجر قد أخطأوا في العنوان لأن البنطال لا يشبه الذي رأته في الإعلان.

حاولت زينة إرجاعه لكن القائمين على المتجر لم يجيبوا على رسائلها فتأكدت أنها تعرضت لعملية نصب واضحة جعلتها موضع سخرية وضحك زميلاتها في الجامعة.

وتختتم زينة كلامها بالقول إنها ليست آسفة على البنطال قدر أسفها على ما تعرضت له من إحراج أمام صديقاتها اللواتي أصبحن يضحكن كلما رأينها ويتحدثن بسخرية عن البنطال.

وتشخص السيدة نور زيدون مديرة تسويق موقع لبيع الألبسة على الفيسبوك هذه المشكلة بالقول أن اغلب الأشخاص يقعون ضحايا لشركات تعرض منتجاتها عبر الشبكة العنكبوتية ومواقع التواصل الاجتماعي لترويج بضاعتها.

وتتابع نور أن المستهلكين يقدمون على الشراء بعد أن يخدعهم الإعلان الممول من دون معرفة أسماء الشركات والتحري عنها.

وتواصل نور حديثها بان معظم هذه الشركات وهمية ولا وجود لها في الواقع، وان كثيرا من الناس وقعوا في فخ النصب والاحتيال.

ويبدو أن الشركات الوهمية التي تروج إعلانات كاذبة أفقدت ثقة الناس بالتسوق عبر الانترنت وكان لها تأثير سلبي على عمل الشركات الحقيقية التي تسوق لمنتجاتها عبر الانترنيت.

هذا ما قالته نور وهي تدعو الأشخاص الذين يتسوقون عبر الانترنت إلى التأكد من وجود موقع حقيقي لأصحاب المنتجات ليتسنى للمتسوقين مراجعتهم وإرجاع أو استبدال البضاعة التي لم تعجبهم.

كما حذرت نور المواطنين من الماركات المقلدة للمنتجات العالمية وعدم التعامل إلا مع الشركات الحقيقية كي لا يقعوا ضحية عمليات نصب واحتيال تعددت أشكالها على الانترنيت وانتشرت بسرعة كبيرة.

وعلى العكس من الفتيات اللواتي وقعن ضحايا نصب واحتيال الإعلانات الممولة، هناك فتيات ونساء على دراية بالشركات الرصينة التي تسوق لمنتجاتها عبر الانترنيت.

وتتفق النساء والفتيات مع أصحاب الشركات على اقتناء حاجياتهن وقد سجلن في هذا الخصوص حالات ايجابية كثيرة بسبب معرفتهن بالشركات الحقيقية من الشركات الوهمية.

انتصار كاظم أثثت منزلها من الأدوات الكهربائية ووصلت لها جميع المواد بالشكل الذي رغبت فيه، وان عملية التسوق عبر الانترنيت وفرت لها الكثير من الجهد واختصرت لها الزمن.

انتصار لم تقع ضحية احتيال لأنها تعاملت مع شركة سبق وان زارت مقرها في إحدى المناطق التجارية في العاصمة بغداد كما تقول، وكانت مطمئنة لتسوقها عبر الانترنيت على العكس من بان التي افسد الاحتيال فرحة خطوبتها وغيرها من الفتيات اللواتي وقعن فريسة سهلة للشركات الوهمية وعصابات النصب والاحتيال