التخلف السياسي: حزب الدعوة وامينه العام نوري المالكي انموذجا

 

الحقيقة أن تعرض الحركة الإسلامية بالعراق إلى المضايقة والاضطهاد والسجن والتشريد حال دونها والبت في الاختيارات الفكرية والثقافية للحركة وتحديد هويتها السياسية من طرف أعضائها والناشطين داخلها وبالتالي فهي وحزب الدعوة بالتحديد   لا تملك خلفية نظرية كالحزب الشيوعي وحزب البعث عدا تلك التي تعود للمفكر اية الله محمد باقر الصدر والتي يشك بكونها الخلفية النظرية العقائدية لحزب الدعوة    وقد انعكس هذا على مقابلات على الاديب في فضائيات متعددة ومنها الحرة التي تتسم بالهزالة الفكرية لهذا الدعي بالذكر ان  المجتمع الذي كنا نطمح إليه، ولازلنا، ان  يشعر فيه كل مواطن بمواطنته لا فرق فيه بين إسلامي ويساري وليبرالي, يحارب الفقر والظلم ويكون الدين في كل ذلك الواعز للالتزام بتلك المبادئ، والدافع للتضحية من اجل مصلحة الوطن والمواطن، والواقي أخلاقيا من الانزلاقات والانحرافات.                                                                                  لعلنا لا نبالغ كذلك  حين نقول إن كل الحركات الاسلامية العراقية وبالاخص حزب الدعوة  فشلت في قدرتها في الحكم والسؤال الذي يتبادر للذهن  لما الفشل أصبح ملازمالهذا الحزب،و هل السبب يكمن في السلطة ذاتها ، أم في من يتولون مقاليدها ، أم في آليات الحكم وأبعاده ، أم في عدم الفهم الصحيح للإسلام ، أم في عدم نضج التجربة الديمقراطيةفي العراق و عدم النضج السياسي  لحزب الدعوه وامينه العام نوري  المالكي الذي تولى  السلطة في العراق  بعد مرحلة طويلة وعريقة من القهر والاستبداد إلى مرحلة سلطوية ، والتي خشى هو نفسه ا من العودة إلى المرحلة الاستبدادية ، وعندما وقع الحزب ضحية هو الأخر واصبح نوري المالكي قائد ما نطيها  ، أصبح الحزب  يدافع عن السلطة بكل ما يملك  من قوة حتى لو كان ذلك باستخدام العنف لسياسة ما نطيها لامينه العام   فانعكست الاية واصبح الحزب تابعا لامينه العام مشابها لتجربة البعث الذي كان تابعا لصدام  اما الصراع الداخلي بين حزب الدعوة و الاحزاب   الإسلامية مع بعضها البعض حول السلطة، الأمر الذي يجعلهم يتناحرون ويقعون في فخ المكائد والتدابير الداخلية والخارجية ومن الامثله على ذلك حزب الدعوة وتيار مقتدى الصدر والمجلس الاعلى والحزب الاسلامي.

ان عدم نضج الوعي الفكري لدى قطاعات عدة من الشرائح والتيارات الإسلامية ومنها حزب الدعوة الحاكم  جعلها تدعو إلى مفاهيم خاطئة اصطدمت مع المفاهيم الاجتماعية المستقرة فأحدثت خللا في التركيب البنائي والثقافي والفكري للمجتمع مما جعل مسيرتها تتعثر ، وأصبحت عرضة للاختراق والوقوع في براثن المؤامرات والمكائد العديدة و ان الصراع الا التسلط على السلطة جعل حزب الدعوة  تقصي الآخر دون سند موضوعي مستخدما كل الوسائل المشروعة وغير المشروعة للفتك بالآخر مستفيدا من نرجسية نوري المالكي  ، كل ذلك سبب خللا في أبنية السلطة الاجتماعية والسياسية ، نتيجة استخدام السلطة الدينية مع وجود حالات من الفقر الاقتصادي والرغبة في الاستقرار الحياتي لدى قطاعات عريضة في المجتمع دون جدوى، أن حزب  الدعوة وخاصة تحت قيادة المالكي  قد فشل فشلا ذريعا في تحقيق تلك الأهداف  الاستعراضية التي يناد ي بها وأول ما صدمني في حزب الدعوة هو التشبث الشديد بالسلطة وكأنهم في معركة من اجلها  و أخشى ما أخشاه أن الذين هم في الحكم اليوم قد استعجلوا مغادرة مواقعهم في التوعية والتثقيف والإصلاح وتغيير ما بالأنفس ونزلوا لاقتسام الغنيمة، الانتصار الحقيقي ليس الصعود للحكم بل المضي قدما نحو بسط العدل ونصرة المستضعفين لا بالخطابات والشعارات بل بالانجاز الفعلي. والامر الثاني  والذي لا يقل خطورة عن الأول هي النرجسية المفرطة لقيادات حزب الدعوة وبالاخص الجعفري والمالكي  وعلي الاديب .

وإن كان من الطبيعي أن يعتبر كل حزب برنامجه هوالأصلح وأفكاره هي الأقوم، إلا أن تقديسها والاستهزاء بالأفكار المعارضة واعتبارها مناوئة ومشبوهة وهدامة.... فهذا أمر خطير يتنافى مع روح الديمقراطية وان بذرة الديكتاتورية تبدأ هكذا بالتشبث بالرأي و«تخوين» الآخر والاستهتار به ثم التفرد بالحكم لتفويت الفرصة على الأعداء المناوئين فالاستبداد مثل الشرك يدب دبيب النملة السوداء في الليلة الظلماء على الصخرة الصماء.

.. بتلك الحركة استطاع المالكي  ضرب عصفورين بحجر واحد … تبرئته من سبب الفشل الإداري .. وأيضاً تشويه سمعة حزبه والاحزاب الاسلامية ومنها التيار المتخلف المسمى اعتباطا وظلما بتيار الاحرار فمالذي    يجعل  المالكي تتخاذل عن الإستفادة من العلماء الفعليين والساسة الفنيين  لأنه تهديد لكيانهم .. أشخاص كهؤلاء قد يستميلون قلوب الشعوب ويكونون قدوة لهم .. وبهذا فإن توجه هذا الشخص الناجح توجهاً غير الذي يرضاه المالكي  (وإن كان التوجه في مصلحة الشعب) ، فهو يعتبر تهديداً له، إذن الحل الأمثل هو تجاهلهم تماماً بل ومحاولة قتلهم حتى لا تكون لهم كلمة .. إن الكوادر والطاقات العلمية العراقية كما يبدو  هي تهديد للكيان الحكومي المالكي  .. حتى وإن كانوا في مصلحة الشعب .. ولكن مصلحة المالكي  أولى .. فدرء المفاسد مقدم على جلب المصالح فيما يتعلق بالسياسيين والحكام .. بل نحن لدينا الكفاءات ولدينا القدرة على تحسين الوضع .. ولكن السياسات المالكية  وإداراتها هي أكبر عائق وهي أكبر سبب في التخلف والضعف الحكومي حين يكتب التاريخ صفحات حكم المالكي  سيتعجب المؤرخون كيف أفلت العراق بأعجوبة من كارثة الانهيار طيلة فترة حكمه فقد فشل في الحفاظ علي معدل نمو وتطورت الويلات الاجتماعية للبطالة والفقر واضطرب النظام المالي. فكل المؤشرات تشير إلي أن معدل النمو في العراق أقل من معدله الطبيعي وان اقتصاده ستسقط في مصيدة الركود, وأن براعم الانتعاش في الاقتصادالعراقي هشة وقابلة للتراجع في كل لحظة, السبب ليس في عدم وجود حلول ولكن في عجز الرؤية والإرادة السياسية اللازمة لاتخاذ القرارات الصعبة والارتكان بدلا من ذلك إلي سياسة ركل الدلو أسفل الطريق. حالة الاستقطاب بين إدارةالمالكي  والكتل السياسية ومجلس النواب  حالت دون التوصل إلي اتفاق علي خطة قصيرة الأجل وأخري تعالج الوضع الهيكلي في الموازنة العامة في الأمد المتوسط, تجمع برامج الرعاية الاجتماعية وتمكن الاقتصاد من إعادة شحن محركات النمو. استمرار حالة الاستقطاب في عام الحملة الانتخابية المحلية  يبدد الأمل في أي تغيير جذري ويجعل تأجيل الاصلاح أمرا لا مفر منه, وهو ما سيجعل الاقتصاد العراقي تحت مقصلة الفساد التي لم تتورع عن توجيه أول ضربة قوية له .

الإخفاق السياسي الأكبر تردي شعبية المالكي وحزبه في ظل هذه الأجواء السياسية المعقدة حيث كل الأطراف تتجه إلي انتهاج سياسات مالية تتميز بالفساد ادت الى تخفيض سعر الدينارا بل لأن قادتها السياسيين غير قادرين علي الاتفاق علي خطوات منسقة ومتسقة للاصلاح والنمو في الوقت ذاته. فلا توجد في خطط السياسيين العراقيين جميعا وبالاخص المالكي  في تغيير نمط للنمو بل في إثراء النخبة وفقرالفقراء تحمل تبعات ضغوط تضخمية لا طاقة علي احتماله مع انفجار التوتر الاجتماعي.                         

ان السياسات المتخبطة أوجدت رفضا عاما قد يصل للعصيان المدني وبطالة تتزايد اعدادها واحتياطي يتراجع ودينار يترنح امام الدولار، تلك هي ابرز ملامح الفاتورة الاقتصادية التي تتحملها البلاد جراء ما يمكن ان يطلق عليه فشل سياسي في ادارة الازمات التي تتوالي يوما بعد يوم وتتزايد حدتها بعناد مؤسسة الرئاسة في المقام الاول وعدم سعيها لتقريب وجهات النظر والاستماع لرؤي المعارضة ومحاولة اتباع ما يتم الاتفاق عليه بانه الاصلح للكل وليس لفصيل بعينه, فالخلافات تتسع والهوة تتزايد وفي المقابل تمضي الإدراة الدعوية بخطواتها غير مدركة ان ما يحدث قد ادخل البلاد بالفعل في نفق مظلم أول من تحمل تبعاته هو الاقتصاد الذي اصبح اليوم في وضع شديد السوء ولايعلم أحد أن كان يمكنه الاستمرار والصمود في ظل تلك الممارسات أم لا.

أن الجميع لايريد الهدوء وإعطاء الفرصة للآخر كي يتم الحكم علي أداءه بشكل حقيقي مؤكدا أن الجميع يدفع الثمن. وبالتالي يتطلب  عودة الهدوء للشارع كي تعود الأسواق لطبيعتها ويتم تشغيل عجلة الإنتاج بكامل طاقتها لأن ذلك هو السبيل لإصلاح كافة الأوضاع وتلبية الاحتياجات الملحة لكافة أفراد وطبقات الشعب العراقي: إنه لاشك في أن هناك مشكلة حقيقية بالإدارة المالكية التي لم تتخذ بعد أي خطوات إيجابية بل علي العكس فان الجهاز الحكومي بدأ يتوحش ويتصرف بعشوائية فقد يؤدي انهيار كامل للدولة.

الثورة قادمة تعقبها ثورة جياع في حال استمرار الوضع القائم دون تحسن و الي بعض الإجراءات العاجلة التي يستوجب اتخاذها للخروج من الوضع القائم والحفاظ علي دوران عجلة الاقتصاد ، وتشجيع المستثمرين العراقيين  والأجانب بمنحهم إعفاء ضريبيا.

أن الاقتصاد يعد هو بالفعل من يتحمل نتائج التحركات الخاطئة للقيادة السياسية بانعكاس ما يحدث علي تدهور الأداء الاقتصادي وارتفاع  للبطالة وما يترتب عليها من مشكلات اجتماعية قد يكون اهمها الجريمة فضلا عن ذلك ارتفاع في أسعار السلع والخدمات بما يعني تدهور الدخل الحقيقي للمواطن وبالتالي تزداد مساحة الفقر وحدته ايضا.

أن ما يخشاه ان يترتب علي هذه الاوضاع ثورة جياع وفي هذه الحالة لن يفيد الحوار وسنظل نبكي علي ما فات من فرص دون تحقيق نتائج لذلك يجب أن تكون هناك إجراءات تتمثل في قرارات سيادية تصدر بشأن تحقيق المصالحة الوطنية بين أبناء المجتمع تلك هي الخطوة الأولي لكي يستطيع الاقتصاد أن يستعيد قوته المفقودة وأن يكون هناك جدول زمني لتحقيق العدالة الاجتماعية.

في علم التحليل السياسي أن التخلف الحكومي لا يؤدي بالضرورة إلي تقويض أركان الدولة وانهيارها في حين يؤدي التخلف السياسي إلي العصف بالدولة ككيان سياسي بالكامل والتخلف كمفهوم عام هو العجز عن أداء العمل بأنواعه، أما عن المفهوم السياسي للتخلف فهو العجز عن ممارسة السلطة وعجز المعارضة عن أن تكون بديلاً موضوعياً للسلطة في ظل النظم الليبرالية التي تعتمد الديمقراطية كوسيلة مشروعة لتداول السلطة ، أوالتخلف عن  ممارسة السلطة دون وضع أي إعتبار ووزن للمعارضة في ظل النظم الديكتاتورية وعلي رأسها النظم الثيوقراطية التي تحكم باسم الله علي الأرض ، في أسوأ صور الاحتيال السياسي علي الشعوب, لافتا الي ان الحالة العراقية  يحكمها الفشل الثيوقراطي للحزب الدعوة  ، الذي يتعارض ة مع علم السياسة،, وقد وقع النظام المتخلف سياسياً و عندما قرر السيد المالكي العناد , و تجاوز الإرادة االشعبية  في كل المؤسسات التي أعاد تشكيلها لصالح جماعته امام ثورة الشعب العراقي  و التهديدات الداخلية كتحديات مؤثرة في الأمن القومي ، ومن هنا يمكننا رسم دائرتين أساسيتين للأمن القومي االعراقي  هما: دائرة الأمن الإقليمي الذي يتمثل في العلاقة مع باقي دول الإقليم الجغرافي الذي تنتمي إليه الدولة ودائرة الأمن الوطني  الداخلي الذي يركز علي الاستقرار السياسي، والتنمية المستدامة لاشباع الحاجات الأساسية للجماهير، وعدم حدوث صراعات طائفية أو توترات اجتماعية أو نزعات فكرية متطرفة.

أن الحكم المالكي  سقط سقوطاً مدوياً لعدم قدرته علي تحقيق الاستقرار السياسي في البلاد نتيجة للسياسات المتخبطة المرتبطة بالمؤسسات  الفاشلة إدارياً لانعدام الكفاءات فيها، بمن تم اختياره منهم لرئاسة الجمهورية  الخزاعي المتخلف ومجلس النواب العديم الفائدة ، كما حدثت في الشارع بوادر الفتنة الطائفية بين المكونات الاجتماعية  ولتحقيق مكاسب سياسية ضيقة في صورة مقيته للانتهازية السياسية ثم يأتي دور التنمية المستدامة لإشباع الحاجات الأساسية للشعب  وهو الدور الذي لا يعرف له النظام الحالي مخرجا سوي سلسلة الأكاذيب المستمرة من عيار حل مشكلة الاسكان والتعليم  بنسبة مرتفعة  أو وصول الحالة الامنية لدرجة متقدمة في تصريح آخر للمالكي نفسه ، وهي التصاريح المثيرة للسخرية ولا يبقي إلا أن يصرح بأن نسبة تلبية الحاجات الأساسية للجماهير وصلت إلي 95.4%، أن الأزمات تتوالي علي العراق  كأنها حلقات في سلسلة ليس لها أول ولا آخر وكنا قد تخيلنا أن قيام التغيير في 2003سوف يكسر تلك السلسلة حتي تبدأ العراق  عهدا جديدا تقل فيه الأزمات ليعيش الناس حياة طبيعية كسائر خلق الله ولقد ظهر في العالم فرع جديد من العلم التطبيقي يسمي إدارة الأزمات معني بكيفية التعامل مع المواقف غير المتوقعة والعصيبة التي تتعرض لها المنظمات والدول للتغلب علي الأزمات لافتا الي ان ما تتعرض له العراق  الآن أزمة عصيبة عميقة الجذور متعددة الأبعاد أزمة اقتصادية بل كارثة أقتصادية، أزمة سياسية أزمة أمنية، أزمة اجتماعية، أزمة ثقافية أخلاقية, وللأسف لم يلح في الأفق أي بوادر لتشخيص لتلك الأزمات أو ملامح لخطة للتصدي لها، ولعل أقرب أزمة هزت العراق مؤخراً والتي بدأت بتظاهرات المنطقة الغربية  وكأن السلطات الأمنية والسياسية كانت مغيبة تماما ولم تتوقع ردود الأفعال من الجانبين وتعد العدة المناسبة لمواجهة ذلك الغضب (بدون خسائر في الأرواح أو إهدار لحقوق الإنسان) فلم نجد أن هناك استيعاب  الدرس جيداً ولم تفطن إلي أن هناك في العالم من الأساليب التكنولوجية والأمنية التي تمكنهم من التصدي لمثل تلك الأحداث بدون دماء.

ان الأزمات المعقدة والمتشابكة التي تعاني منها العراق الآن ليس أمنياً بأي حال من الأحوال ، ولكن الحل لعبور تلك الأزمات يتطلب أسلوبا غير تقليدي علي مستويات عده محاط بإطار سياسي يشمل الفرقاء في العراق  ويعيد بناء الثقة ، وإذا ركز النظام علي أن حل المشكلة هو حل أمني فإن ذلك أكبر دليل علي عدم استفادتهم من دروس الماضي ولن يؤدي إلي إلا مزيد من تعميق المشكلة وليس حلها، والدليل علي ذلك تحدي المواطنين للدولة والتي جعلوا منها اضحوكة ومثارا للسخرية، مما وضع السلطات السياسية في وضع لا تحسد عليه وافقدها الكثير من هيبتها, مشددا علي ان عدم وجود حل ملموس للأزمات التي تعاني منها العراق  يعني تضخم فاتورة الخسائر بشكل كارثي، ولن يدفع طرف واحد هذه الفاتورة انما سوف تطول الجميع , يبدو كذلك أن رئيس الحكومة ما زال في منزلة بين منزلتين ، بحيث لم يقم المسافة الضرورية بين مسؤوليته الحزبية ودوره الحكومي، ولم ينه بعد حملته الانتخابية لمباشرة مسؤولية رئاسة الحكومة باقتناع وبتركيز وحرص على إقناعالعراقيين  جميعهم بأنه رئيس حكومتهم وليس رئيس حزب هكذا يبدو أن الانفصام ، أو السكيزوفرينيا ، ملازمان لحكومة  المالكي..