ناقة وجمل في بلد خربان |
الاحداث التي عصفت و تعصف بنا ، المتمثلة بالتظاهرات والانفلات الامني وقطع الشوارع ، وتعطيل الدوام الرسمي ، وتوقف بعض الصحف اليومية عن الصدور وتعطل الانشطة الاقتصادية البسيطة للمواطنين ، وهي مصدر معيشتهم اليومية ، وسيل التهم المتبادلة بين الكتل السياسية المتناحرة من شتى الاطراف التي تطل علينا في كل ساعة وكل حين من الفضائيات هل (حرّك) ذلك مراكز الابحاث في الجامعات العراقية ومؤسسات المجتمع المدني المختصة ، لدراسة تداعيات ما ذكرت على البنية المجتمعية في بلد صابر على بلوى المعاناة التي تضربه في خاصرته يوميا ، دون ان يجد لها حلاً ! اجد ، ان الامر بات ملحا ، بضرورة عمل تلك الدراسات لنقف على تفاصيل الحالة النفسية للشعب وبالتالي نعرف بدقة ماذا يجب على الدولة فعله ، والاهتمام في الظرف الحالي بنواحي الدعم والمساندة ونبتعد عن موقف المتفرج الذي يقف أمام حريق وعليه أن يهتم أولا بالسيطرة عليه ولا يليق به (كما نلمس الان) أن يقف ليتأمل أسباب الحريق ودوافعه وتأثيراته ومظاهره!! وفي رأيي ان هناك قائمة من المشكلات والموضوعات المرشحة للدراسة غير التي ذكرتها في بداية مقالتي ، ومنها على سبيل المثال: الخوف ، صورة الذات ، الانتماء ، الشائعات ، الانشقاقات داخل المؤسسات المجتمعية ، الشكوك والاتهامات المتبادلة ، الخوف من الحرية … الخ. غير ان حالة الإحباط الشعبي التي تستعر حاليا ، اظنها هي الأهم في الدراسة ، فهي اذا استمرت فإنها ستؤدي إلى سلوكيات (نكوصية ) لا حصر لها ربما تنتهي إلى درجة من درجات اليأس التي تزرع من جديد في نفوس الناس. وتختلف درجة الإحباط من فئة لأخرى حسب رؤية كل فئة لمتطلباتها وطموحاتها ومدى تحقق تلك المتطلبات والطموحات، والخوف ان يتطور الإحباط لدى بعض قطاعات الشعب في صورة حالة من الحزن والأسى ، ويتطور لدى البعض الآخر في صورة غضب واحتجاج.. وهنا مكمن الخطورة !
وهنا ، ينبغي الالتفات الى جموع الصامتين من الشعب الذين لا مصلحة لهم بما يحدث ، وجلّ همهم واهتمامهم هو توفير لقمة العيش لأسرهم ، وهم كثر … بل هم نسبة كبيرة في الشعب العراقي ، وهم معنيون بلقمة العيش والشعور بالأمان ….. هؤلاء يعيشون حالة احباط مما يحدث من تقلبات وتغيرات وانشقاقات وتهديدات على المستوى السياسي والأمني والاجتماعي، وهم مرعوبون من غياب الأمن ويخشون تهديد ايقاف صرف رواتبهم او تقليصها بحجج عديدة ، ويمنعون أبناءهم وبناتهم من الذهاب للمدارس والجامعات خشية اختطافهم أو الاعتداء عليهم. ويتعزز الخوف والاحباط لدى هؤلاء بحقيقة غياب الدور الأمني بشكل كلي أو جزئي.
متى نسدل الستارة على حالات الخوف والاحباط والدمار التي تتلبس الطفولة البريئة وتتقمص روح الشباب وتخيف الآباء والامهات في بلد ينام ويصحو على اخبار مرعبة ، لا ناقة له فيها … ولا جمل؟ |