قضية حب

 

قال لي لماذا تتهمين عُشق الرجال بحب شهوةٍ ليس إلا …؟! وهل ثمة من دليل يثبت عكس ذلك ؟ قلتها لأنني على علم بأن رد السؤال بسؤال يُشعرُك وكأنك وضعت الخصم بزاوية التفكير والبحث عن مخرج من سجن الذات, لكنهُ رجلٌ ذكيُ حتماً راوغني قائلاً أتحسبنَ الغزل بخصرٍ نحيل وعمق عينين خلقهما الرحمن بتفنن شهوة رجلٌ لجسد إمرأة ما …؟ أجبتُ مبتسمةٍ جميع الرجال يرفضون النساء اللواتي لا يعطين مساحة للإلتباس والكلام المباح.

قُلتها وكأنني أحسمُ نقطةٍ لصالح جنس النساء, أخذتني تلك الكلمات بعيداً وكأنني إستهدفتُ ذاتي لا ذلك الرجل المُسن, وتساءلت أي جنس لطيفٍ ذلك الذي بدا أغلبهن يعلقن أحلامهن عاريات برضا الرجال وكأنهم أول وآخر الآمال.

أبعد ظهرهُ عن مسند الكُرسي بعد إن رفع غطاء قلمهُ وهو يُعلن موت الكلمات المنطوقة بولادتها مكتوبةٍ على الورق, سحبت تلك القُصاصة لأقرأ سؤالاٍ خجلَ من طرحهُ علناً, ألم تحلُمي بأن تقبلي رجُلاً ..؟! أضحكني ذلك السؤال بقدر ما أشفقتُ على أفكارهُ التي جاءت كأدلةً لأقوالي بعُشقهم للأجساد لا لإنسجام الأرواح ..! رغبت بعودة الكلمات المنطوقة مرةً أخرى لأقول وهل بإستطاعة المرأة أن تقبل رجُلاً غيرَ ذلك الذي تحملُ قضية عشقه ..؟ أكملت كي أوقف حرب الإتهامات التي لا أعلم إن كانت نهايتُها لصالحي أم لا؟.

أرعبني إقتحام أٌمي ليلة أمس وهي ترشُقني بكلمات أُم تلاحق إبنتها لتعدلُ بعضاً من أفكارها وتخضعها لواقع قلة فرص الإرتباط وهي تُشير بسبابتها أما زلتِ تتوقعين بأن لفارس الأحلام وجودا ..؟ ومن قال لأمي بأن لي فارساً من الأحلام ..؟ بل لي عاشق من الأوهام ربما إلتقيت بهِ مصادفةً يوماً ما ولم أدرُك … وربما لم نلتق … بل وأصح التعبير بأننا لن نلتقي.

هكذا هي قضايا الحب تلدُها الأرواح ويغتالُها الواقع.

سألني إن كنتُ قد حادثتُ رجُل الأوهامِ يوماً بررتُ بأن الحقيقة الوحيدة والتي توصلتُ إليها أثبتت بأنهُ موجودٌ على أرض الواقع في بقعةٍ ما من أراضينا.

أنتِ إمرأةٌ عظيمةٌ ولدت في الزمن الخاطئ … أجبتُ بكلماتٍ لعلها تردُ جميل وصفهِ المبالغ بل أنت فارسٌ سبق زمانهُ بزمانين.

لملمتُ وريقاتي بفضفضتها لأبعدها عن أبٍ ظن بأن إبنتهُ مازالت تطارد طموحاتٍ وأحلامٍا وردية وأُم بات تفكيرها ينحصر بعقل صغيرتها التي تراهق وهي تنتظر فارساً من الأحلام.

والحقيقة أقرُ بها في مرافعة الحب أمام محكمة الحياة فقسماً يا قاضي الغرام بأن قضايا الحُب وحدها من يليق بها أن نرتدي لها ذلكَ الفُستان الأبيض.