ستراتيجية المنطقة الآمنة بعد 1991

 

اللبنة الاولى لتفخيم فكرة المؤامرة والتآمر ضد الحكم وصناعة هوية التمييز العنصري في العراق. انها مكيدة القرار الدولي ضد شعب العراق فظاهرها فيه الرحمة وباطنها من قبله العذاب . ساعدت هذا الرؤية على تفريق العراقيين الى طوائف وملل ووسموا على اساس عرقي وديني من قبل اصحاب القرار والسلطة في حينها ونستطيع اعتبارها العامل الاقوى في صناعة وتسويق وهم المؤامرة الفارسية على العرب واجترار الجنوب الى تهمة الولاء لايران والاكراد بتهم الولاء لايران والعمالة للاجنبي ايضا والتمويه اعلاميا على اساس القضية العربية الاولى هي قضية فلسطين التي يزايد عليها النظام.

الكل يتذكر عندما وضعت امريكا خطوط الطول والعرض الوهمية حدا لمنع قوات الحرس الجمهوري من الحركة في مناطق الشمال والجنوب العراقي ومنع الكيران من التحليق فوقها بعد انتفاضة عام 1991 وبطش الحكومة العراقية بشعبها .

وهي ذات الدولة التي قادة حلف الثلات والثلاثين دولة لتدمير بنى العراق التحتية والحد من طغيان الدكتاتور صدام حسين التوسعية كما زعموا في حينها وكانت قادرة على استئصال رموز القيادة العراقية واحدا تلوا الاخر لكنها تركتهم لغاية اكبر لينهض الدكتاتور منتشيا من جديد ويطور قابلياته بالمقابر الجماعية وسياسة الارض المحروقة للمدنالجنوبية و الـــــــــكردية على سفوح الجبال..

قطعات الفيلق

كما انها تعلم ان قطعات الفيلقين والثالث والرابع وافواج الطوارئ والتنظيمات العسكرية والمدنية والفلاحية كانت هي صاحبة السيادة واليد الطولى في التحكم برقاب الناس في الجنوب والوسط.

اما الشمال فكان بين فك المهربين ورحمة الفيلق الخامس وقوافل الاغاثة الدولية . ان النظام المخابراتي الحكومي في وقتها لجأ الى تسويق فكرة العرق والمذهب والعشيرة في العراق من خلال تسخير النكته او الطرفة التي تقلل من ذكاء الجنس الكردي والعربي او ما اطلقوا عليه “الشروكية” وكذلك عندما تعامل مع القبائل على اساس التصحر الفكري وعدم معرفة بالحياة المدنية في وسيلة لتمييز ديمغرافي جديدة للمجتمع الجنوبي والبدوي والكردي والكل يتذكر كيف استحوذت ثلة قليلة على مراكز السلطة والنفوذ والمال في وقت كان معظم الشعب لايجد قوت يومه ايام تلك المنطقة الامنه .

ان بناء القصور الرئاسية وتحشيد مئات الالاف من المحافظات الجنوبية والوسطى والشمالية للعمل فيها بنظام اقرب للسخرة لمدة 12ساعة يوميا يحمل الاحجار او يسقي نباتات الزينة وقرى الجبناء التي اكتظت بالاكراد يقابلها تضاؤل حجم المساحات السكنية وفرص العمل وتضخم مفرط في حجم النقد بدون مبالاة او اهتمام معظمها كانت نتائج لستراتيجة المنطقة الامنة على صعيد العراق المحلي وتهيئة لمرحلة التنمر المتوقعه منه فيمابعد.

ان خلق منطقة امنة في اي بلد يعني انتزاع جزء من السيادة والسلطة لتلك الدولة على مجمل اراضيها وفئة معينة من سكانها .

منطقة امنة

منطقيا ليس من الصحيح ان تكون المنطقة الامنة طويلة الامد لانها وبعد زمن سيكون الخاسر الوحيد من هذا الاجراء هم سكان تلك المناطق من حيث عزلتهم الدولية وضياع ادوتمييع الهوية ولانهم سيتهمون بالخيانة والتخابر مع الاجنبي في احســـــــن احوالهم هذا من جهة .

من جهة اخرى فأن الجهة الخارجية تعتبرهم محل شبه وعدم ثقة لانهم مواطنين اصليين لايمكن المزايدة على انتمائاتهم الوطنية .

الغرب يعرف جيدا هذا الواقع وقد عاشته امريكا مع الهنود الحمر السكان الاصليين واستولوا على اراضيهم وطاردوهم حتى تسيدوا عليهم وتحكموا بمصائرهم..

باضافة الى ان الغرب وامريكا تعلم جيدا ان الامن العراقي السابق هو لحماية النظام و لاتحده الخطوط الوهمية للطول والعرض في استقصاء المعلومة فتغيرت ستراتيجية الدولة في حينها للسيطرة على الوضع باتباع سياسة التثقيف والغلق الحزبي والانتماء الجبري او الاتهام بالخيانة وتصنيفه مواطناً من الدرجتين الثالثة او الرابعة وتصحير المدن فكريا عندما لجأت الدولة الى تصحير المدينة في عودة مفاجئة الى اخذ الولاءات العشائرية واختزال الطبقات الاجتماعية والمدنية والعناوين العلمية المثقفة حسب العشيرة والمذهب حصرا وانهاك المواطن جسديا وفكربا باجور عمل لاتسد زاد بطنه.

ان قرار المنطقة الامنة لم يكن بتاتا بصالح الاكراد او العرب والمواطن العراقي اصلا في الجنوب والوسط و الشمال وانما خلق منطقة امنة سهلة الاستباحة من قبل الاجهزة القمعية وتستمر فقاعة النظام بالانتفاخ ويستخدمونها لتحقيق مآرب الانظمة الدولية وتزامنا مع نظام العولمة الاقتصادية وغياب القطب الاخر.ان اي قرار دولي يتضمن منطقة امنة فهذا مؤشر لتصعيد سياسي وعسكري سيتشكل مستقبلا فيها..

قد لايروق للبعض ما نكتبه الان ولكنها حقائق لايمكن غض النظر عنها ونحن في مهب الريح بكل مانملك من تاريخ وثقافة وانتماء للوطن.