أتاوى أصحاب المولدات |
تتأزم العلاقة بين أصحاب المولدات ومشتركيهم في كل صيف، حين تصدر التسعيرة الخاصة بإجور الأمبير الواحد، إعتماداً على الثنائية التي يواجهها العراقيون : الحر وتدهور الكهرباء الوطنية، إذ يستغل أصحاب المولدات حاجة الناس الى الكهرباء، فيرفعون سعر الأمبير الواحد الى 25 ألف دينار أو أكثر من أجل الحصول على كهرباء ذهبية، مقابل إنقطاع الكهرباء الوطنية .وبرغم الزيادة المكلفة لأجور كهرباء السحب، المولدات، فإن المشتركين ينصاعون لتسعيرة صاحب المولدة، إذ لايوجد أمامهم خيار آخر، خاصة أنه لاتوجد جهة منظمة أو صاحبة قرار ممكن اللجوء اليها، لابلدية ولاغيرها، حتى لغة التهديد التي تتبع أحياناً ضد صاحب المولدة بصفته مستفيداً من حصة حكومية من الوقود المدعوم أو المجاني، لاتنفع، فيما يلجأ " أبو المولدة" الى ذلك العذر الموروث من وزارة الكهرباء الوطنية نفسها : " الكاز لايكفي"، أو الحكومة لاتجهزنا بالوقود، ثم يلوح بتلك العقوبة التي طالما هدد بها معترضيه : "اللي يعجبه يعجبه واللي ما يعجبه يسحب خطه"، ولما كان أصحاب المولدات إتفقواعلى تسعيرة واحدة، فإن جميع المشتركين يرضخون للأمر الواقع الذي يفرضونه، وهو جزء من حالة الترويض التي شاعت في مجتمعنا خارج إطار سلطة الدولة.واحدة من ممارسات الضغط التي يتبعها أصحاب المولدات، ولاسيما عند تحسن الكهرباء الوطنية، خاصة في بداية الشهر، حين تجبى الأجور، تتمثل بتلك الصفقات التي تبرم بين أصحاب المولدات وموظفي الكهرباء وعمال الصيانة لفرض قطوعات إضافية تجبر المشتركين الى الإسراع الى " أبو المولدة" والدفع من دون تردد.الأغرب من ذلك، أن المناطق التي شملت بتجهيز الكهرباء لمدة 24 ساعة ضمن نظام المستثمر التجريبي، لم تسلم هي الأخرى من سطوة " أبو المولدة"، إذ طالب مشتركيه بالدفع حتى وإن لم تقطع عنهم الكهرباء، وفي حالة الرفض فإنه سيجري إتصالاته لحرمانهم من الكهرباء التي يتنعمون بها الآن مقابل أجور خاصة لم تصدمهم بعد، ويبدو أن هذا التهديد لم يأت من فراغ، ما أثار مخاوف المواطن، الذي بات يشعر بكل تهديد كواقع يلاحقه، لذا إضطر بعضهم الى الدفع للـ " السلامة الوطنية"، فيما لجأ آخرون الى أسلوب التودد لـ " أبو المولدة" حتى لايشملهم بتهديده، وهذا الإضطراب ناتج عن ضعف المؤسسة الحكومية، وإستشراء الفساد في دوائرها، والتي أعادتنا الى عصر الشقاوات وفرض الأتاوى.حديث الناس عن المولدات والبدائل التي يعدونها لمواجهة حر الصيف، فيما لاتسمع ولا همساً كلاماً عن الكهرباء الوطنية والمليارات التي تجاوزت ميزانيات دول على صيانتها وتأهيلها، من دون أن تعود الحياة اليها. |