بتاريخ 19 نيسان 2016 قرر رئيس الوزراء حيدر العبادي إلغاء مناصب نواب رئيس الجمهورية ورئيس مجلس الوزراء فوراً.
وقال المكتب الاعلامي لرئيس الوزراء في بيان إن "رئيس الوزراء حيدر العبادي وجه، بناءً على مقتضيات المصلحة العامة واستنادا الى المادة (78) من الدستور، بإلغاء مناصب نواب رئيس الجمهورية ورئيس مجلس الوزراء فوراً".
وطالب العبادي مجلس الوزراء في وقتها بـ"الموافقة على ذلك"، داعياً مجلس النواب الى "المصادقة عليه لتمكين رئيس الوزراء من إجراء الاصلاحات التي دعت اليها المرجعية الدينية العليا وطالب بها المواطنون في محاربة الفساد وتحقيق العدالة الاجتماعية".
ولدى رئيس الجمهورية فؤاد معصوم ثلاثة نواب هم النائب الاول لرئيس الجمهورية نوري كامل المالكي ونائب رئيس الجمهورية اسامة النجيفي ونائب رئيس الجمهورية لشؤون المصالحة الوطنية اياد علاوي، وفقا لما صوت عليه مجلس النواب في الثامن من ايلول 2014.
وبعد فترة أشهر من صدور ذلك القرار قدم نائب رئيس الجمهورية أسامة النجيفي طلبا الى المحكمة الاتحادية للنظر في عدم دستورية ما اتخذ من قرارات بشأن منصبه كنائب لرئيس الجمهورية ، مشيرا فيه ان رئيس الوزراء الدكتور حيدر العبادي قد تجاوز صلاحياته بإتخاذه هذا القرار، وقد أجلت المحكمة الاتحادية لثلاث مرات طلب الحق الاعتباري والشخصي لنائب رئيس الجمهورية أسامة النجيفي لمبررات غير مقنعة، من وجهة نظر رجال قانون ومختصين في دعاوى من هذا النوع!!
ان رجال القانون يؤكدون ان الدستور هو القانون الاسمى والأعلى في العراق وينبغي ان يكون ملزما في تطبيق فقراته كافة ولايجوز سن قانون يتعارض مع الدستور ويعد باطلا أي نص قانوني يتعارض معه على وفق (المادة / 13 ) من الدستور النافذ وان القضاء.
ويشير المختصون بالشان القانوني ان المحكمة الاتحادية هي الان على راس اعلى هيئة قضائية في العراق – لاسلطان عليها بغير القانون وان من صميم اختصاصات المحكمة الاتحادية العليا الرقابة على دستورية القوانين والأنظمة النافذة وان قانون انضباط موظفي الدولة والقطاع العام رقم (14 لسنة 1991 المعدل) قد عرف الموظف في البند ثالثا من المادة /1 : (الموظف كل شخص عهدت اليه وظيفة داخل ملاك وزارة او الجهة غبر المرتبطة بوزارة ) وان نائب رئيس الجمهورية ليس موظفا عاديا بل يتمتع بدرجة خاصة ومنصب سيادي ودستوري.
ويؤكد رجال القانون ان مجرد قبول المحكمة الاتحادية للدعوى (91 / اتحادية / 2015) واصدار قرار حكم فيها يؤكد ولاية تلك المحكمة على قرارات من هذا النوع .
ويعيد رجال القانون التأكيد على أن الدستور أوجب ان تنظم بقانون احكام اختيار نائب او اكثر لرئيس الجمهورية ( البند ثانيا من المادة /69 من الدستور ) وبموجب هذا النص صدر القانون رقم (1 لسنة 2011) المنشور في الجريدة الرسمية بالعدد ( 4174 في 24/1/2011 الصفحة رقم 1 ) "ويحل نائب رئيس الجمهورية محل الرئيس في حالتي الغياب والخلو لاي سبب كان – ومعلوم هو الفرق بين حالة الغياب والخلو".
ويشير رجال القانون الى تجربة سابقة عند غياب الرئيس العراقي السابق جلال الطالباني خلال فترة مرضه وسفره خارج العراق فقد حل نائبه د خضير الخزاعي وكان يمارس صلاحياته الدستورية طيلة غياب الرئيس اما الحالة التي يحل رئيس البرلمان محل رئيس الجمهورية هي (عدم وجود نائب له) وهذا واضح بنص البند رابعا من المادة / 75 من الدستور .
ويؤكد رجال القانون ان المادة / 80 من الدستور قد حددت مهام مجلس الوزراء وصلاحياته وهي ليست محل نقاش، لان السلطة التنفيذية تتكون من رئيس الجمهورية ومجلس الوزراء وهذا نص واضح وصريح ولاغموض فيه ولا اجتهاد في مورد النص وان رئيس الجمهورية يختار نوابه والذين تبدأ ولايتهم وتنتهي مع بداية وانتهاء ولاية رئيس الجمهورية والذي له ( وحده ) الحق باختيار وقبول طلب استقالة نائبه كما لرئيس الجمهورية الطلب من مجلس النواب على اعفاء نائبه والتصويت بالاغلبية المطلقة على شرط ان يكون الطلب مسببا . وهذه الصلاحية لرئيس الجمهورية حصريا بالاختيار والاعفاء وقبول طلب الاستقالة بموجب قانون نواب رئيس الجمهورية ( المادة / 5 من قانون نواب رئيس الجمهورية وهو قانون خاص ) ولايوجد أي نص يشير الى صلاحية رئيس الوزراء بالغاء منصب نائب رئيس الجمهورية .
ولا يخفي رجال القانون من ان مجلس النواب قد أخفق عندما صوت لصالح الغاء منصب نائب رئيس الجمهورية وذلك لمخالفة قرار مجلس الوزراء الصريحة والواضحة بالدستور والقانون وبذالك تخلى مجلس النواب عن واجباته الدستورية بالرقابة على اداء السلطة التنفيذية عندما صوت بالموافقة على خرق الدستور ومخالفة القانون بالغاء مناصب نواب رئيس الجمهورية ، وبهذا فان التصويت من وجهة نظر كثيرين منهم قد بني على باطل وما بني على الباطل فهو باطل ولايفيد في الحكم شيئا .
وفي 19 نيسان من العام الحالي 2016 عقدت المحكمة الاتحادية العليا جلستها بحضور جميع اعضائها ونظرت الدعاوى المدرجة على جدول اعمالها.
وقال المتحدث الرسمي للسلطة القضائية الاتحادية القاضي عبد الستار بيرقدار في بيان ، ان "المحكمة نظرت في دعوى السيد اسامة عبد العزيز النجيفي للطعن في قرار مجلس الوزراء بإلغاء مناصب نواب رئيس الجمهورية".
وتابع بيرقدار أن "وكيل المدعى عليه الثاني رئيس مجلس النواب اضافة لوظيفته طلب امهاله مدة زمنية لغرض الاطلاع على اجابة وكيل الشخص الثالث رئيس الجمهورية اضافة إلى وظيفته".
وأشار إلى أن "وكيل رئيس الجمهورية اضافة لوظيفته هو الاخر طلب امهاله لغرض الرد على سؤال طرحه وكيل المدعى عليه الثاني رئيس مجلس النواب اضافة لوظيفته يتعلق بموقف موكله من قرار اقالة نوابه"، منوهاً إلى أن "هذه الاسباب دعت المحكمة إلى تأجيل النظر في الدعوى بناءً على طلب اطرافها"، على ان تنظر فيه في السادس عشر من ايار الجاري، بدون توقع حدوث تطور يتناسب واهمية الحدث والاطر القانونية التي يستند اليها".
ويشير رجال القانون الى ان كثرة التأجيلات لدعاوى من هذا النوع هو لاعتبارات (سياسية) وليست (إجرائية)، وان (تأجيلات) من هو هذا النوع تعد (تملصا) من تطبيق القانون ومحاولة تجنب صدور قرار بدعوى ان الشارع العراقي غير مهيىء لصدور قرارات من هذا النوع، في وقت يؤكد مختصون ان العدالة قصرت كثيرا عندما صمتت عن (حق قانوني) بل و(خرق دستوري) لثلاثة نواب من رئيس الجمهورية بينهم صاحب الدعوى أسامة النجيفي، والذي لم تنصفه المحكمة الاتحادية ولا المحكمة الادارية حتى الان، ما يعني ان القضاء العراقي من وجهة نظر رجالات القانون (مغيب تماما) وهو لايحكم وفق الاطر الدستورية ولا القانونية ، ما يشكل توجها من هذا النوع (مثلبة) على قضاء (متهم) بتعطيل القرارات وتضليل العدالة، ولو كان هناك تطبيق لنصوص القوانين كما أجازها الدستور، لكان بمقدور تلك المحكمة اصدار القرار الشرعي الذي يتناسب ومصداقية القرارات غير القابلة للطعن بها، وان تأجيلها لأشهر عدة بالرغم من أحقية صاحب الطلب يعكس قصورا كبيرا في القضاء العراقي، ينبغي ان لايبقى (معطلا) هكذا من أجل (ترضية رغبات سياسية) خارج الأطر الدستورية.
إن التشكيك بالقضاء العراقي أصبح عنوانا عريضا ومعروفا على صعيد دولي، بالرغم من ان كل آمال العراقيين تنصب على ان يكون تطبيق القانون فوق الشخوص والمسميات والاعتبارات، حتى لاتضيع حقوق البشر.
ويستند رجال القانون في هذا الشأن الى انه حين يتم تعطيل اصدار قرارات مهمة (شرعية) ووفقا للاطر القانونية وبحق مراكز سيادية عليا في القرار وهم نواب رئيس الجمهورية ويتم (تضليل العدالة) وفق تبريرات غير مسوقة قانونا، يجعل القضاء العراقي محل (شبهات) وهم يتساءلون انه اذا كان ليس بمقدور نائب رئيس الجمهورية إسترجاع حقه القانوني وفقا للدستور فما بالك بالاف المواطنين الذين تم غمط حقوقهم وتركهم عرضة لتقلبات وأمزجة قضاة ، في محاكم مختلفة، هي أبسط من حيث طبيعة ما يتم اتخاذه من قرارات، فكيف يكون الحال مع شخصيات اعتبارية لها مكانتها ووزنها الاجتماعي والاعتباري، ويتم تأجيل اصدار قرارات بشأنها بالرغم من أحقيتها، ما يدعونا للقول ان القضاء العراقي عندما (يحابي) توجهات ورغبات سياسية ويخل بالتزاماته القانونية فأنه لن يكون بمقدور المواطن العراقي البسيط ولا المراقب الدولي ان يصدق ما يصدر عن القضاء العراقي وما يتم تعطيله في اروقته من قرارات، وهناك أمثلة كثيرة لاتسر في هذا الجانب ويفترض بالقضاء العراقي أن يعيد له هيبته وهو المشهود له بالقدرة على اتخاذ القرارات الصائبة والشرعية ، وان لايعطل تطبيق الدستور والقوانين النافذة تحت أي ظرف كان، وهو مايأمله الكثيرون منه، وهم يعدون أن قضية أسامة النجيفي هي واحدة من تلك القرارات التي تم (تسويف) اتخاذ قرار بشأنها حتى الان، ولا نريد ان يبقى (الخرق القانوني) لتكبر مساحته الى الحد الذي يجعل من تطبيق الدستور والانظمة والقرارات النافذة مثار (شبهات) شعب بأكمله، وهو ما يشكل (مثلبة) ليس من شأن القضاء العراقي ان يبقى (صامتا) عنها طوال هذا الوقت.
|