الامن هو مطلب بشري منذ فجر التاريخ و ضرورة ملحة و حاجة لا يمكن الاستغناء عنها لأيمانه بأن الحياة لا يمكن لها الاستمرار دون توفير الامن وهو أساس التنمية و التطور و قد حاول الانسان وضع الخطط و البرامج اللازمة لتأمين أمنه و تطورت هذه البرامج اعتماداً على ابعاد امنية اخرى مثل البعد الجغرافي و السكاني و السياسي و الاقتصادي و تختلف من وقت الى اخر داخل الدولة الواحدة ناهيك عن اختلافها من دولة الى أخرى ... و ان الصراع قائم بين الانسان في حماية حياته و ممتلكاته و بين الاخرين الذين يختلفون معه في الافكار و المصالح و يريدون النيل من حقوقه و ستبقى صراعاً أبدياً باختلاف الوسائل و التسميات . ان المتتبع للاحداث الجارية في العالم و مايشهده من احداث دامية و ظهور جرائم مستحدثة في ظل استخدام التكنولوجيا المتطورة و ان الاختراقات الامنية للعديد من الدول تثبت ان الاستراتيجية الامنية العالمية الحالية غير كافية و ليست فعالة في مواجهة هذه التهديدات، لذا نرى و للأسباب التالية ضرورة اعادة صياغة أمنية عالمية جديدة على اسس و متطلبات المرحلة الحالية و المستقبلية لينعم اهل الارض بمختلف التوجهات الدينية و القومية و الطائفية بنعمة الامن و يعيش بأمان :-
1.ظهور جرائم جديدة يوماً بعد أخر حيث لم تكن لعدد من الافعال الجرمية الحالية وجود في السابق مثل الجرائم الالكترونية و الجريمة المنظمة و غسيل الاموال .
2.ان الاستراتيجيات الامنية الحالية للعديد من الدول عجزت عن توفير الامن لمواطنيها و استطاع الخارجين عن القانون من اختراق الجدار الامني لهم و تعريض مصالحهم للخطر و التأثير عليهم .
3.استطاعت الجماعات الارهابية من القيام بعمليات انتحارية في دول متقدمة و مصانة من الناحية الامنية و اثرت بشكل سلبي على حياة المواطنين و تركت أثار لا يمكن التخلص منها في الوقت القريب .
4.سيطرة المصالح الذاتية للدول خاصة العظمى منها على مجريات الاحداث في العالم فسحت المجال امام قوى الظلام من القيام بعملهم وفق اجندات هذه الدول و اثرت على الوضع الامني للدول الاخرى لحملها على الرضوخ لمطالبها و التأثير في قرارها .
5.ظهور جماعات متطرفة في مختلف انحاء العالم و السمة البارزة لها انها لا تعترف بالحدود الدولية بين الدول و لا تعير لسيادتها اية اهتمام و تمارس عملها وفق أهداف مرسومة وتحاول السيطرة على اكبر قدر ممكن من الاراضي
و الثروات الاقتصادية و تظهر كدولة جديدة على الرغم من بطشها و افتقادها الى اقل الاسس و الدعائم التي تقوم عليها الدولة .
6.ان التحالفات الدولية العسكرية و الاتفاقيات الامنية الحالية لم تستطيع توفير الامن لشعوب الدول المنظوية تحت رايتها بل اصبحت اداة لصراعات دولية وقوة تهديد بعضها ضد البعض الاخر تمارس في ظلها اعمالاً بعيداً عن الهدف من وجودها او التوقيع عليها .
7.ان منظمة الامم المتحدة و مؤسساتها المعنية بتوفير الأمن و السلم العالميين لم تستطيع القيام بدورها المنشود (لأسباب معروفة) و باتت عاجزة عن تقديم الحلول للمشاكل القائمة بين الدول بل فقدت مصداقيتها في الحياد و اصبحت تحت رحمة الدول العظمى تتلاعب فيها حسب مصالحها و رؤيتها و قد تكتفى احياناً بارسال مبعوث او اصدار بيان استنكار او الدعوة الى اجتماع او ارسال قوات لحفظ السلام ... الخ من الاجراءات المملة التي تثقل من كاهل الشعوب و الدول ..
كل هذه الاسباب و اسباب أخرى ايضاً يدفعنا الى القول بأن الاستراتيجيات الامنية الحالية للمجتمع الدولي لم تعد كافية لتوفير الامن لشعوب الارض لذا فان المجتمع الدولي بكل الدول و الشعوب و المنظمات مدعوة الى اعادة صياغة امنية جديدة وفق معطيات الوقت الحاضر آخذة بالحسبان كل المصادر و التهديدات الامنية و منح الشعوب التي يلعب دوراً مميزاً في توفير الامن العالمي المكانة الملائمة لنكون مثالاً يحتذى بها في العالم مثل الشعب الكوردي الذي استطاع ان يقف امام اكبر تهديد للسلم العالمي و دحر داعش الذي يشكل اكبر مصدر للتهديد و على دول العالم ان يستفاد من تجربة هذا الشعب و ارادتة القوية في كيفية مواجهة اعداء الانسانية الذين بنوا دولتهم على جثث الابرياء و سفك دمائهم و تفننوا في اساليب القتل و الاعتصاب .
|