لله دركم أيها الهنود |
الشخصية التي تصقلها الظروف لاتكسرها مواقف فبعض الأيام من حياتي جاءت قاسية لكني رغم ذلك تصنعت القوة والأبتسام الصعقة روحية ونفسية حين أخبرني الطبيب أن زوجي مصاب بمرض عضال مرضٌ لعين ألمَ به فجأه ودون سابق أنذار أفسد نشوة حياتنا دموعي أنهمرت تناجي يارب فوضت أمره اليك . طريق الشفاء من هذا المرض وعر وصعب وطويل . رحلته أبتدات من بغداد حيث أستهلكتنا عيادات الأطباء القاسية . مروراً ببيروت حيث أستهلكنا المال والوقت ثم كانت بلاد الزعيم مهاتما غاندي صاحب ثورة الجياع والعراة محطتنا الأخير هي نيودلهي العاصمة الهندية المكتظة بكل شيء رحلة تجدد فيها أملنا بالشفاء . فأنسانيتهم الراقية ووجوههم السمر الفقيرة . هدوئهم وتفاعلهم مع المريض أبتلع بعض من القلق والخوف غمر أرواحنا بسكون جعلنا نؤمن بأقدار الحياة وتقلباتها . لقد أدهشتني بلاد العجائب وأثارَ أستغرابي شعبها فعلاً أنهم صناع حياة من أصغر عامل الى أكبر طبيب في المشفى جميعهم يعملون كخلية نحل لاتكل ولاتمل ليل نهار . يحاولون أن يمنحوا المريض بصيص نور و تفاؤل..وأن كان بين فكي الموت فلايأس لديهم حيث أن لكل مرض دواء. مليار وربع من الآدميين بديانات عديدة ومعتقدات ماأنزل الله بها من سلطان بعضهم يقدس الأبقار وآخرون أرتضوا تمثال بوذا ألهاً وقليل منهم يرتجي رضا الله ورسوله . “تعايش بشري غريب” تجذرت في قلوبهم الرحمة والأنسانيه والصدق محصنين ضد الرشوة لايمكن أن تنقل لهم فايروس الفساد مهما فعلت لأنهم حريصون على عملهم فإيجاد عمل وسط هذا الزخم السكاني الهائل صعب جداً لذا لايقبل منك أي مبلغ وأن كنت تعطيه عن طيب خاطر أو عرفان بجميل . كلٌ هناك يمارس عمله بأتقان دون رقيب ..يكتفي منك بكلمة “شكراً ” يعيشون بفقر لكنهم مترفعين عن كل أنواع الأوبئة التي تفتك بمجتمعنا .. الدين لديهم مسألة شخصية .. فالوطن قبل كل شيء” ..قالها لي المترجم “أنا هندي قبل أن أكون مسلماً أو هندوسياً أو أي دين ,الوطن أولا ” . يالبؤسنا نحن متى نكون مثل هؤلاء نعمل للأنسانية ونشاطر بعضنا المحبة ليتنا نصل لدرجة الأيمان متناسين لأي طائفة ننتمي . ؟ مقتنعين أن الدين لله وحده . حقاً أنا منذهلة مما شاهدته أثناء وجودي مع زوجي في المشفى تعاملت مع أناس من نوع مختلف عما ألفته هنا في مستشفياتنا العامة والخاصة . فعلاً تنطبق عليهم كلمة “ملائكة الرحمة” بعملهم ,بتعاملهم بتعاونهم بالتزامهم . تعلمت منهم أن الطريق لمعرفة الله ومحبة الناس يبدأ من داخل النفس بأبتسامة صادقه بكلمة طيبة بعمل متقن بوقت ثمين نحافظ عليه ونستغله بجد أيقنت حينها أننا لانتقن الحب ولا الكره ولانملك الأمل وأننا نربت على أكتاف بعضنا نفاق وندعو لبعضنا رياء ,ونكتفي بالصمت ضعف وغباء وأن ضمائرنا لاتفقه نظام الأرض و السماء ..وأن حكاياتنا مغلفة بمرارات وقلوبنا تصارع خبايا كثيرة وتتأبط أفكاراً متعفنة منذ دهور وأننا نترنح بين الكفر والأيمان تختلط لدينا ثقافات ضعيفة وصخب المدنية وثورات روحية للتغيير أننا نعيش بأرواح قابلة للكسر تستجدي الضياء ولاتعرف قيمة الوقت .. أحببت هناك رائحة البخور والتوابل وألوان الزهور ..لكني لم استطع فك طلاسم طريقتهم بالملبس والمأكل .. مرت ايام طويلة في المشفى أنتهت كل العلاجات وحان وقت العودة للوطن ,بصراحه لاأستطيع وصف حالتي والطائرة تهبط فوق أرض مطار بغداد دمعت عيناي وخفق قلبي بشدة شوقاً وحنيناً قلت ” صباحك خير ياعراق ماأجمله صباحك لم أجد له مثيلاً سأقبل كل ذرات ترابك وكل أوراق الشجر وكل الأيادي التي تريد أن تصنع الحرية .سأخاطب كل فصائل البشر وكل عقول العابثين .سأكلم الأرواح الصافية التي تؤمن بكلمة الحق ولاتستسلم للباطل . وكل القلوب التي تمتلك بصيرة لكنها غير قادرة على الفرح بعد أن أحترقت لديها جميع المعاني وأمتلات حزناً على الوطن . سأبكي مع كل جرف خارت قواه وكل ملامح تآكلت وكل جفن جُبلَ على النواح . وسأدعو الله أن يفرغ على وطني أمناً وسلاماً هذا الوطن الذي يحتاج دروساً في الأنسانية والمحبة والذي تفتك به آفات المحسوبيه والرشوة والتهاون آفات عشعشت بين ثنايا كل روح وكل دائرة رسمية وغير رسمية . ” فطوبى لكل من يعرف الله ويعمل للخير وحب الحياة والناس “ |