القانون والحياة

 

كل شيء في الحياة يسير ضمن قانون محدد لايمكن تجاوزه , وحينما يتم ألأعتداء على قانون حركة الحياة يحدث خلل أو عطب في مكان ما يؤدي في النهاية الى إرباك حركة الحياة بصورة مباشرة أو غير ذلك. حينما خلق الله سبحانه وتعالى الحياة جعلها ضمن قانون كوني – مع العلم أنه كان يستطيع أن يقول للشيء كن فيكون- لكنه جل وعلا حدد خلق السموات وألأرض حسب قانون هو أراده لذلك. ينعكس هذا القانون على كل شيء في الحياة مهما كان ذلك القانون صغيراً أم كبيراً. عند تطبيق القانون تسير عجلة الحياة بطريقة منظمة مرتبة دقيقة تؤدي الى إيجاد حالة من التناغم وألأنسجام في كل شيء. العكس يحدث – أي عند تجاوز القانون- تصبح الحياة مرعبة مليئة بالمنغصات وألأعتداء على حياة ألأنسان بصورة عامة ويؤدي الى إرباك حتى الطبيعة بكل مفاهيمها الحياتية. تطبيق القانون يؤدي الى إحترام الفئات البشرية ويدل أيضاً على مدى تقدم وحضارة ذلك المجتمع. هناك ملايين الحالات التي يمكن الحديث عنها تتعلق بتطبيق القانون وكيفية تأثيره على حركة الحياة بصورة عامة. وأنا أكتب هذا المقال المتواضع جداً إستحضرتني ثلاث حكايات تتعلق بتطبيق القانون وكيف كان لها دور فعال في حياة ألأنسان. في عام 1978  صدر قانون فرض غرامة على المواطن العراقي إذا عبر الشارع من غير أماكن العبور – المخططة باللون ألأبيض- وراح رجال الشرطة يغرمون كل مواطن غرامة نقدية فورية جعلتنا نحن الشعب نرتعب إذا فكرنا بالعبور من غير تلك ألأماكن المحددة وسار الناس ضمن قانون رائع ولكن مع ألأسف حينما تغاضت الدولة عن ذلك القانون عادت العبثية في عبور الناس وعدنا الى المربع ألأول. مثال آخر حينما جلبت الدول مصلحة نقل الركاب في السبعينات صدر قانون بعدم السماح لأي مواطن الوقوف داخل الحافلة وسارت الحياة بشكل جميل. يوماً ما كنتُ في الباص ورفض شخص النزول من الحافلة مع العلم أنه الشخص الوحيد الذي كان واقفا. طلب منه سائق الحافلة أن يترجل ولكنه رفض بشدة. إستدار سائق الحافة بعد أن أغلق ألأبواب وتوجه الى مركز الشرطة وعند وصول الحافلة جاء رجال الشرطة يركضون يستفسرون عن سبب مجيء الحافلة وتبين أن الشخص الواقف كان ضابطاً في الجيش ومع هذا وبخه ضابط مركز الشرطة وأعطاه محاضرة جيدة جدا في ألأنصياع الى قانون الحياة وقانون الدولة التي وضعت ذلك القانون. كان جميع الركاب منشرحين لهذا الحدث الذي لايمكن أن أنساه . الحدث الآخر , قرأت في مكان ما من التاريخ أن الطائرات ألألمانية كانت تقصف لندن بشدة وكان رئيس الوزراء البريطاني – وينستون تشرشل- في سيارته يسير بسرعة أكثر من السرعة المحددة وكان ذاهباً لحضور إجتماع مهم . أوقفه رجل المرور وطلب من السائق أن يدفع غرامة لتجاوره السرعة المحددة إلا أن السائق أخبر رجل المرور بأن الشخص الجالس في المقعد الخلفي هو رئيس الوزراء. لم يهتم رجل المرور وصرخ به من أن القانون هو القانون لايعرف كبيراً أو صغيراً وهدده إن لم يدفع الغرامة سيحرر مخالفة له. نفذ السائق ما كان قد طلبه منه رجل المرور. حينما وصل رئيس الوزراء الى ألأجتماع أخبرهم بدقة القانون البريطاني وأن رجل المرور سيكون له دور في إنجاح ذلك القانون وقال بالحرف الواحد ” النصر لبريطانيا طالما أننا نحترم القانون ” وأمر بترقية ذلك الشرطي الى رتبة ضابط وهو الشرطي الوحيد في بريطانيا الذي أصبح ضابطاً لدقته في تطبيق القانون. هذه المقدمة البسيطة تقودنا الى مفاهيم لاتعد ولاتحصى في حركة حياة الشعب العراقي بكل مكوناته وكيف تحطم كل حلم كنا نحلمه في هذا البلد الغني بسبب غياب القانون- القانون الحقيقي وليس الصوري- لذلك نجد أن الحياة تبعثرت وتشتت بكل معانيها ومفاهيمها ألأجتماعية وألأقتصادية والعسكرية والسياسية. غياب القانون الفعلي جعل المسؤولين يسرقون ويمرحون ولا أحد يستطيع أن ينبس ببنت شفة وضاع المال العام وتحولت الخزينة الى أفقر خزينة في التاريخ المعاصر. أصبح القانون يطبق على البائس الفقير ويتغاضى عن الغني المسؤول. قبل عدة أشهر قرأت في مكانٍ ما أن أحد القضاة في البصرة يحكم على مواطن بثلاثين سنة لأنه سرق حمامة – الله وأكبر- هل هذا عدل وهل هذا قانون؟ ملايين الشاحنات تهرب من النفط العراقي الى جهة لايعرفها إلا الله والقانون يعرف هذا ولكن لاأحد يستطيع أن يمنع هذا. قانون البرلمان صيغ طريقة معينه تخدم أعضاء البرلمان وتنسى الشعب وبالتالي تكونت فئة عملاقة من ألأغنياء في حين أن طفلاً صغيراً– أخرس- أرسلته أمه الى الشارع وهو يحمل قوري شاي وعدة أقداح صغيرة وقد كتبت والدته على قطعة من الورق وعلقتها في رقبة الطفل – أخرس كل 2  إستكانات بـ 250  دينار- أين قانون العجزة والطفولة وكرامة ألأنسان . خلاصة القول – القانون هو الحياة والعز والكرامة ومن لم يكن في بلده قانون حقيقي فهو إنسان ميت على الرغم من أنه يتنفس ويتحرك.