بغداد.. دون سواها

 

ليقولوا أي شيء عنها. اسوأ مدينة للعيش في العالم هي بغداد.

ولكنني أحبها، وأحبها كثيراً اكثر من أي مدينة في الكون.

خدمات بلدية شبه معدومة. عصابات خطف وابتزاز. عسكرة الحياة والشوارع والارصفة. سيطرات. بطالة. غلاء معيشة. رواتب متدنية. عبوات ناسفة. امراض. عواصف ترابية. ازمة ماء وكهرباء. نازحون. متسولون. سرقات في وضح النهار. فساد مالي واداري. خــــــوف. قلق. أمية. نصب واحتيال. فصل عشائري في ظـــــل غياب هيبة القانون. ولكنني احبها. سوف يتهمني البعض بأنني اخالف آراء الكثيرين وبأنني أخاف من ركوب البحر هرباً الى بلد من بلدان الله الواسعة هذا اذا وصلت حياً دون أن يلتقفني سمك القرش في عرض المحيط!.

نعم احبها. أنا أحب بغداد حباً لا مثيل له. أحب نصب جواد سليم. ودجلة ونوارسها، وساحة كهرمانة وشارع فلسطين وقبة الامام الكاظم وكورنيش الاعظمية وشارع ابي نؤاس وساحة الخلاني والسهروردي ومعروف الكرخي وشاكر حسن آل سعيد وعزيز السيد جاسم وغائب طعمة فرمان وغازي العبادي وسامي مهدي وياسين طه حافظ وحسب الشيخ جعفر وفائق حسن وتمثال المتنبي ومعروف الرصافي ومقهى حسن عجمي وكعك السيد!.

نعم أحبها رغم انها اسوأ مدينة للعيش في العالم كما يقولون عنها، ولكنها أجمل من أية عاصمة اخرى برغم كل ما فيها وما عليها فهي الذوق والجمال والانفتاح والعظمة وايقونة المدن.

بغداد بكرخها ورصافتها واحيائها وشوارعها وازقتها وعنفوانها منذ أن خط الحجاج بن ارطأة في عهد المنصور العباسي خرائط عمرانها وحتى يومنا هذا، ولقد كانت وستبقى ان شاء الله قبلة المثقفين والزوار والسائحين معرضاً دائماً للحب وللطبيعة الجميلة ورائحة المسكوف وعبق التاريخ في الحيدر خانة وسيد سلطان علي وشارع حيفا والشيخ معروف وأعمدة شارع الرشيد.

تحية حب لها من مدينة تسكن الفؤاد ولا تبارحه، ومن مدينة كتب لها الشعراء اجمل قصائدهم وغنت لها فيروز بغداد والشعراء والصورُ… ذهب الزمان وضوعه العطر.