البلد الأغنى أصبح الأفقر

 

 نعيب زماننا والعيب فينا

 وما لزماننا عيب سوانا

قد يستغرب الكثير عندما يعرف ان العراق في الالفية الثالثة اصبح يستجدي المعونات من دول كان قد حماها من المجاعة والانهيار او يتوسل بالمنظمات الدولية كي توافق على قرض وبفوائد كبيره وبشروط تقيد السلطة من اي قرار دعم للاسعار يصب في مصلحة المواطن مع رهن للثروة الوطنية وتحديد رقم المبالغ التي يسمح للسلطة سحبه من موارد تلك الثروة والزام السلطة برفع الدعم الان عن اسعار الماء والكهرباء والمشتقات النفطية والرعاية الصحية وكذلك التربية والتعليم وامور كثيرة الضحية هو المواطن. هنا لابد من مرور سريع على مراحل من تاسيس الدولة العراقية في بداية العشرينيات والمجلس التاسيي واكتشاف النفط في نهاية العشرينات وانتاجه في الثلاثينات وماذا كان العراق وعلى اي شيء يعتمد اقتصاده بداية انشاء السدود لتنظيم الري وانعدام الصناعات الا الصناعات اليدوية او البسيطة، هناك الثروة الحيوانية، كان الاعتماد اقتصاديا على تصدير الحبوب، تصدير التمور لكل البلدان.. المواشي .. الجلود .. السمن الحيواني.

وفي الجانب الاخر بداية لبناء جيش وشرطة وفتح المدارس وبناء مصانع للاقمشة وغيرها وليعلم الجميع كانت الدولة تقدم التغذية الكاملة لتلاميذ وطلاب المدارس من حليب وفاكهة وبيض وبقوليات وحبوب دهن السمك. ورغم وجود مشاكل (حركة رشيدعالي الكيلاني وحركة في شمال العراق وغيرها) ولكن لم تمر بحالة الافلاس او الاستجداء او قطع من رواتب الموظفين او المتقاعدين او ضريبة على تسليم جثث وضحايا الارهاب او دخول المستشفيات او اخذ اثمان الدفاتر الامتحانية واجور تصحيحها وتاتي الى تموز 1958 والتي هي الاخرى مرت بمشاكل كثيرة -تطاحن قياداتها واختلاف الافكار تطاحن بل تقاتل الاحزاب والتي كانت في جبهة 1957 الاتحاد الوطني وخاصة بين القوى القومية-البعث والقوميون والاستقلال والوطني الديمقراطي والشيوعيين والاكراد ومجازر الموصل وكركوك  وحركة عبد الوهاب الشواف وقضية الكويت وتداعياتها عربيا ولكن ذلك لم يمنع السلطة ان تعمر البلاد باكبر حملة بناء وتشكيل مجلس اعمار تم بناء اكثر من 2000  مدرسة و200  جسر ومصانع للجلود والتعليب والسمنت وغيرها ولكنها استمرت بمنهجها ولم تعلن الانهيار او الافلاس وكان سعر البرميل (تفاليس).

ثم مرحلة 1963  والاخوين ورغم التخبط في النهج ايام عبد السلام والضعف الاداري ايام عبد الرحمن ولكن الحياة استمرت وساهم العراق بحرب حزيران على الجبهة المصرية ونعود الآن الى عام 1968 وحتى 2003  وما تخلل هذه المدة من مشاكل وحروب داخلية او خارجية وحصار ومقاطعة وقطيعة بين الاحزاب والحركات فحرب الشمال التي راح ضحيتها اعداد هائلة من  الشباب وهدرت الاموال الطائلة وتم تعطيل كل الانشطة التعليمية والاقتصادية والعلمية وبعدها تم صناعة بيان 11اذار 1974.

وجاءت الحرب الايرانية وهي اوسع واقسى واطول حرب في المنطقة استمرت8  سنوات عجاف دمرت كل شيء كهرباء وسدود وجسور ومصانع ومعامل وهدرت الاموال والاكثر حزنا كانت محرقة موت للانسان ودمارا للاقتصاد وانتهت ولكن اصر ابناء العراق وبكل اطيافهم على تخطي الصعاب كما هم في معركة الدفاع مع ايران وخلال اشهر وبعضها سنوات تم اعادة ما يمكن اعادته بالجهد الوطني ولكن لم يعلن العراق افلاسه او يركع يستجدي الاخرين. فليس الموت موت الفرد قتلا، ولا قبضا من الملك الكريم ولكن الممات يكون يوما، اذا احتاج الكريم الى اللئيم وهنا نقول لمن سبب الدمار انتم لستم برجال دولة وتذكروا قول للامام علي (ع) لاتطلبوا من بطون جاعت ثم شبعت لانها تحمل بذرة الشر، بل اطلبوا من بطون شبعت ثم جاعت لان بذور الخير فيها..

جئتم مع المحتل والغزاة والعراق في طريقه للاكتفاء الذاتي من المشاريع الزراعية والثروة الحيوانية والدواجن ومشاريع الري والبزل والمشاريع الصناعية في الاسكندرية واللطيفية والاسمدة والسمنت والفوسفات والالمنيوم والنسيج  والزجاج  والسيراميك والكاشي وعكاشات والبتروكيميوية والادوية في سامراء ومجمع صناعات ديالى ولكل من هذه فروع في بعض المحافظات اين ذهب كل هذا.. كم يصرف على الحمايات ..

كم يصرف للمستشارين الاميين وكم للمفتشين والوكلاء والفضائيين وفي كل مفاصل الدولة في الداخل والسفارات وكم يصرف لرؤساء الكتل وهم بلا منصب في الحكومة من حمايات وسيارات ووو… فكيف لا يصبح العراق البلد المفلس والافقر والاضعف بالمنطقة .. والله سيبصق الشعب والتاريخ على وجه كل من جعل العراق بهذا الحال والايام حبلى.