الصمت يحقق الأهداف

 

الصمت هُو غياب كلي أو نسبي للصوت المسموع ، و تعتبر البيئة بمستوى صوت أقل من (20) ديسيبل (الديسيبل وحدة لقياس الصوت)صامتة ، وصوت التنفس الطبيعي : (10) ديسبل ، وصوت حفيف الأشجار : (20) ديسبل ، اما صوت الإنسان العادي : (30 الى 60) ديسيبل ، واما صوت الضجيج المزعج فهو فوق ال(90) ديسيبل .

وهذه قصة رجل الصمت واسمه (جون فرنسيس) الذي جاب الارض على قدميه لنحو ثلاثين سنة متجولا حول العالم على القدمين او باستعمال الاشرعة بغية نشر رسالة احترام ومسؤولية تجاه البيئة ، قضى منها حوالي (17) سنة من تلك السنوات بدون ان يتكلم ، يقول (فرنسيس)؛ ً لقد لزمت الصمت لمدة واول كلام تفوهت به كان (شكراً لوجوكم هنا) ، لقد التزمت الصمت طوال (17) سنة لم اسمع صوتي منذ (17) سنة وكانت رحلتي هي استعارة لكل رحلاتنا و رحلاتكم ، اريد ان تفكروا برحلاتكم ايضاً، وعندما مضيت قدماً وبدأت بالتجوال مشياً ، بدأ الناس يتسائلون وكنت اقول لهم ” انا اسير من اجل الحفاظ على البيئة فقلت لامي ” انا سعيد بذلك فقالت ” اذا كنت سعيداً ، فلا يتعين عليك البوح بذلك ” ، ولأني كنت كثير الجدال وكثير الكلام ، قررت ان اتوقف عن الكلام ليوم واحد لأخذ فترة راحة نهضت عند الصباح ولم اهمس ببنت شفة ، ان تلك التجربة جعلتني أتغير ، لأنني بدأت لاول مرة بالإستماع ولفترة طويلة لما يقوله الآخرين وثم اتوقف عن الاستماع وفي ذهني كنت استبق وافكر في الجواب الذي سأقوله بينما كان الناس بصدد أنهاء الحديث ومن ثم كنت استرسل واقطع التواصل ثم ادركت انني وطوال تلك السنوات لم اتعلم ولذا قررت ان اقوم بذلك ليوم آخر اي التزم الصمت ويوماًبعد يوم حتى أنتهى بي الامر لأن اعاهد نفسي على الصمت سنة كاملة لأنني بدأت اتعلم اكثر فأكثر و كنت بحاجة لأن اتعلم اكثر . لذا قررت ان ازم الصمت لسنة كاملة ثم اقوم بمراجعة ما تمكنت من تعلمه ، وربما سأعود للحديث مجدداً ، ، ولقد استمر ذلك (17) عاماً، أمضيت تلك الفترة في المشي والرسم و كتابة مذكراتي ، و كنت احاول دراسة البيئة عن طريق المطالعة، ثم قررت الذهاب الى المدرسة و الحصول على شهادة الدراسات البيئية و حصلت على درجة البكلوريوس ، وكان ابي فخوراًجداً بذلك ، ثم بدأت بالمشي مرة أُخرى ، ودرست مرة اخرى البيئة ، وقمت بالدراسة دون ان اتكلم وقمت بأجراء مناقشات ، و ما تعلمته كان هو أني كنت أقوم في بعض الاحيان بإشارة وكانوا يفسرونها بإمور لم أكن اقصدها ، وكان ينبغي ان تكون لدي القدرة توصيل المعلومة ، و ما خطر لي هو أنه إذا كنت مدرساً ، ‘ اذا كنت انت نفسك لا تعلم ، فمن المؤكد اانك لن تكون مدرساً جيدا ، وقد حصلت على درجة الماجستير ، وحملت حقيبتي مرة أُخرى و رحلت ة امضيت سبع سنين ،و في مناسبة (يوم الارض)بدأت بالكلام ، و هذا هو التواصل و كما علمني الناس الاستماع ، لقد استمعوا لي ، و هذا بعض ما ينتج عن السكوت او الصمت ومن المهم الاستماع لبعضنا البعض بوعي ، و كتبت قوانين للبيئة ، وهناك اشياء بسيطة مثل المشي والتوقف عن الكلام ان تحدث تغييراً كبيراً لقد درست البيئة اثناء المشي ولكن ايضاً درست احوال الناس و كيف نفعل او كيف نبدو وتحول مفهوم البيئة من مجرد التطرق للاشجار و الطيور الى معاملتنا لبعضنا بعضا ، ثم ذهبت الى فنزويلا ثم بدأت بالعمل هناك ، وفي احد الايام في سجن غير معروف في فنزويلا ، مررت امام بوابة الحرس فاستوقفني الحارس قائلاً، ” جوازك ًوكانت البندقية موجهة صوبي ، نظرت اليه و قلت ” انا سفير وانا بصدد التجوال حول العالم مشياً ” ، وبدأت بالابتعاد مشياً ، لم يطلقوا النار علي و صرت اقول ” اصبحت حراً” ، و كنت اقول استغرق مني الأمر آلاف الاميال لأكتشف انه في قلبي ، وفي داخلي ، أصبحت سجيناً، ، و كان علي الهروب ، السجن الذي كنت بداخله حقيقة اني لا اقود و لا استعمل المركبات الآلية ، لانني حينما بدأت ، كان يبدو لي انه من المناسب ، ان لا استعمل المركبة الآلية ، و لكن ما كان مختلفاًانه في كل مرة كنت اتسائل عن الصمت و لم اسأل نفسي عن المشي ، لذا ادركت انني اتحمل أكثر من مسؤولية نفسي و انني كنت على وشك ان أتغير ، و يمكننا كلنا ان نفعل ذلك ، و التغير هو السبيل الوحيد لاكون بين الناس ، و لكني اعلم انه و في كثير من الاوقات نجد انفسنا في مكان رائع و لكن علينا الذهاب الى مكان آخر ، و اود ان ادفعكم للتحول الى المكان الآخر ، و النأي بأنفسكم عن أي سجن يمكن ان تجدوا انفسكم فيه ، مهما كانت درجة رفاهيته ، لانه يجدر بنا القيام بشئ ما و علينا ان نتغير ، واذا كان لصوتي وقع عليكم ، واذا كان لنشاطي وقع عليكم ، فدعوا ذلك يحدث ، و انا اعلم انه لكل احد منكم وقع علي ، لذا دعونا نخرج للعالم ونصطحب معنا الرعاية والاحترام ، لاننا نحن نمثل البيئة ، و اسلوب تعامل الناس مع بعضهم بعضا ، يعكس تماما تعاملنا مع البيئة “

ويقول (فرانسيس) ً أود ان اختم كلامي بعدة ثوان من الصمت ” .

اذن  ليس بالكلام وحده تكون الدعوة الى الاهداف ، بل احياناً بالصمت والسكوت ، ولقد اشارت الآية (193) من سورة (الأعراف) الى الدعوة الى الهدى بالكلام او حتى بالصمت ، واشارت الآية بالقول (لا يتبعوكم ســواء عليكم أدعوتموهم أم انتم صامتون) .