في أكثر من مقال سابق بيّنا إن الغرب وبالتحديد بريطانيا وأميركا في حالة سباق مع إيران من اجل كسب ولاء السيستاني المطلق, وقد إعتمد الغرب على الإعلام في الترويج لأمرين الأول الترويج لفكرة إن السيستاني في حالة خلاف مع علي خامنئي ويعارض سياسته في العراق, وذلك من أجل خلق فجوة – فرق تسد - بين خامنئي والسيستاني يستغلها الغرب لصالحه وجاء ذلك بعدما أيقنت الإستخبارات الغربية كيف إن السيستاني طيلة السنوات الماضية قد خدم إيران في العراق وأعطاها المبرر والغطاء المشرعن لتواجدها العسكري والمليشياوي وقد تجلى ذلك بفتوى الجهاد التي أطلقها والتي على ضوءها تشكلت مليشيا الحشد ذات الولاء الإيراني المطلق والتي خدمت إيران ومشروعها التوسعي في العراق وسوريا بشكل منقطع النظير حتى صارت هذه المليشيات صاحبة القرار في الشأن السياسي وكذلك وسيلة تهديد لدول المنطقة ويحسب لها ألف حساب. أما الأمر الآخر الذي روج له الإعلام الغربي هو إن السيستاني هو رجل المرحلة في العراق وإن العراق لا يمكن أن يخرج من أزمته الحالية إلا من خلال السيستاني, وقد إعتمد في ذلك على ذكر كل مواقف السيستاني وتدخلاته بالشأن السياسي العراقي والتي جرت الويلات على العراق والعراقيين ويصورها الإعلام الغربي على إنها حسنات, وذلك من أجل تملق السيستاني وحاشيته ومحاولة استمالته لهم وقلب موقفه ضد إيران, فقد ذكرت مجلة " فورين أفيرز الأميركية " إن السيستاني هو الرجل الوحيد الذي يمكنه أن ينقذ العراق مستدلة في ذلك على مواقفه السابقة وتدخلاته في الشأن السياسي والأمني منذ عام 2003. إذ ترى هذه المجلة إن تدخلات السيستاني في العراق أثمرت، من خلال الضغط على الولايات المتحدة ومسؤولين العراق في ضمان انتخاب جمعية لصياغة دستور البلاد, أي صياغة دستور برايمر الذي اصبح من أبرز أسباب معاناة العراقيين وعلى كافة الأصعدة, كما ترى هذه المجلة إن السيستاني وحد الفصائل الشيعية المتحاربة في العام 2005 من أجل ضمان خوض الانتخابات البرلمانية ككتلة موحدة في العام 2005 !! أي ترى إنه وحد الشيعة ضمن قائمة طائفية واحدة وهي قائمة الشمعة " 169 " سيئة الصيت, وترى هذه المجلة إن ما دفع بالسيستاني إلى ذلك هو الخوف من أن يؤدي الخلاف بين مختلف الجماعات الشيعية والميليشيات إلى تشجيع التمرد السني المعارض للعملية السياسية التي جاءت بها سلطة الإحتلال !!. وترى المجلة إن السيستاني في عام 2006 ساعد على احتواء العنف الطائفي في العراق بعد تفجير ضريح الإمامين العسكريين " عليهما السلام " مدينة سامراء !! أي عندما أفتى بترك الناس تعبر عن مشاعرها وكان التعبير هو حمل السلاح بوجه المكون السني في العراق ونشوب الحرب الطائفية نتيجة تلك الفتوى, كما ترى المجلة إن إصدار السيستاني فتوى " الجهاد " التي تشكلت على ضوئها مليشيا الحشد الإيرانية والتي عاثت بأرض العراق الفساد, تراها تلك المجلة بأن لها الدور في توحيد العراقيين !! حيث القتل والتمثيل بالجثث على الهوية وإرتكاب المجازر بحق المدنيين العزل كما حصل في مجازر المقدادية في محافظة ديالى !!. فهذه هي حسنات السيستاني التي ذكرتها هذه المجلة الأميركية والتي ترى بأنها هي من أنقذت العراقيين وعلى ضوءها استنتجت بأن العراق لا يمكن أن تنتهي أزمته السياسية والأمنية إلا بشخص السيستاني ؟؟!! لكن هذه التلميعات للسيستاني وكما بينا هي من أجل استمالته والسعي للحصول على ولائه المطلق وقلبه على إيران الراعي الرسمي له, في الوقت ذاته تحذر هذه المجلة من غياب السيستاني عن المشهد السياسي الأمر الذي قد يؤدي إلى ظهور شخصيات دينية وقيادات أخرى على الساحة العراقية, وهنا نطمئن هذه المجلة ومن يقف خلفها من أجندات ونقول لها إن السيستاني ومؤسسته وحاشيته تفضل الإنتظار والترقب وما قرار اعتزاله أو اعتكافه الرأي السياسي ما هي إلا لعبة شيطانية يلعب بها, حيث أنه أيقن بأن الصراع الحاصل الآن هو بين قوى دولية استكبارية, ولا يمكن أن يعطي رأيه الآن حتى يرى الكفة لمن تميل ومن ثم يفتي لهذه الكفة, فإن كانت لإيران ومليشياتها وساستها, أفتى لصالحها, وإن كانت لأميركا وساستها, أفتى لصالحها, هذا هو السبب الحقيقي لسكوته وإعتزاله الآن,
|