ثقافة الموت في ..العقل الجمعي العراقي |
يعد الشعب العراقي من أكثر شعوب المنطقة تعرضا للازمات والحروب والنكبات على امتداد العقود القليلة الماضية، بدء بحروب الاستنزاف التي كانت تخوضها الأنظمة المتلاحقة على حكمه ضد الكرد في شمال العراق ، إلى ما يشهده اليوم من دمار وقتل واستباحة للدماء والحرمات على يد المجاميع المتطرفة الإسلامية، مرورا بحرب الخليج الأولى ثم الثانية وحرب سقوط الصنم ، واحتلال العراق من قبل جيوش الولايات المتحدة الأمريكية، لكن أقسى المراحل وأشدها عنفا ودموية هي ما نعيشه الآن، في ظل هذا الكم الهائل من الموت والدماء ومشاهد القتل والدمار، التي أصبحت جزء من يومياتنا، ومتلازمة تأبى أن تفارق شوارعنا وأسواقنا ولم تسلم منها حتى دور العبادة، مساجد كانت أم كنائس، مما رسخ عند الكثير من العراقيين ثقافة الموت التراكمية، لتصل إلى ذروتها في طريقة الإفصاح عن نفسها لديهم، ومن طبيعة تعاملهم مع الموت كجزء من ثقافتهم الحتمية، التي لا يمكن الانسلاخ عنها أو تجاوزها، فبعد كل تفجير إرهابي يحدث هنا أو هناك نجد صفحات التواصل الاجتماعي على الفيسبوك وغيرها تعج بصور القتلى والجرحى والدماء والمناظر المؤلمة والقاسية جدا على النفس الإنسانية، وهذا يعكس نفسية الإنسان العراقي الذي بدء يتعامل مع الموت والدماء كتعامله مع مناسباته السعيدة ، وصوره الشخصية التي تملئ هذه الشبكات ، ان ثقافة الموت التي ترسخت في العقل الجمعي العراقي، ولدت نتائج سلبية على عملية صناعة الحياة في العراق، هذا الهدف النبيل والسامي الذي وجد من اجله الإنسان على هذه الأرض، وهذا الاستعراض الجنائزي التي تشهده مواقع التواصل الاجتماعي بعد كل تفجير إرهابي ما هو إلا دفعة زخم وقوة للجماعات الإرهابية ، تؤكد لهم عن قصد او غير قصد بجدوى ما يقومون به ، إضافة إلى إنها تعمل على ترسيخ حالتي النكوص وأللامبالاة لدى العراقيين، والتي تعد الاخيرة جزء مهم من الشخصية العراقية منذ القدم. |