حكى لي أبي ذات مرة كيف كان يدرس تحت عمود الكهرباء في الشارع لأن في تلك الحقبة لم يكن الضوء قد وصل الى المنازل فيستغل الليل للقراءة رغم بساطة المدينة إلا أنها كانت تعج بالقراء والمثقفين رغم بساطة ملابسهم إلا أن عقولهم كانت زاخرة بالمعرفة ، في الخمسينات من القرن الماضي كان هناك تقديس للكلمة أعتزاز بالقيم ، بحثنا عن التطور أرسلنا أبناءنا الى خارج البلد ليتعلموا ليدرسوا ليتفوقوا عادوا الينا بعلم لم نتعلم منه شيئا سوى حروف تحولت الى غير لغة وملابس بموديلات حديثة وعطر يأخذ القلب الى حيث لا يعلم ….  تطورنا وتطور الزمن معنا فأصبح الكذب ألوانا فالكذبة البيضاء لتمشية الحال والنفاق مجاملة والسرقة شطارة والرشوة هدية ، الصادق ينعت بالمنافق والذي يبحث عن الحق جاسوس والحقيقة باتت بين مطرقة الدين وسندان السياسة . أختلط الحابل بالنابل… في هذه اللحظة أصبحنا جاهزين ونمتلك كل مقومات الاحتلال عقليا وجسديا وارضاً …. فتحت الحدود ، اصبحنا ساحة للنزاع صفقنا للخداع  ، الدم طيب المذاق  لحوم تتناثر في العراء كنجوم تلمع في السماء .. الديمقراطية حررتنا بعد أن كنا في سجون الديمقراطية فأصبحنا نقيم المرشح للأنتخاب بعدد كيلوات البطاطة وعدد أكياس الطماطة … فتعددت الأحزاب والقائد واحدُ …. سر ضعفنا الجهل وسر قوتنا التجاهل، أعطينا للشيطان الفاتن حرية التصرف لانه أعطانا حرية السرقة … كانو يخيفون الطفل  ليتوقف عن اللعب بالرجل الشرير ذي الرداء الأسود أشعث الشعر ذي عينين واسعتين  هكذا فعلوا معك يابلدي ….

الأنسان أبن بيئته فصنعوا لنا بيئة ملوثة بعطر ظاهره جميل وباطـــنه نتن …

العقل البشري عقل مكتسب يتطور أذا ما وجد عوامل تساعده على التطور فنحن لازلنا بنفس الأداء الوظيفي لم نتقدم كطاحونة الزمن تدور حول نفسها ليست لها نقطة بداية ولا تعرف لها نقطة نهاية . تعج أسواقنا بالمأكولات بما لذ وطاب ومكتباتنا  تشكو الفراغ  أصبحنا لقمة سهلة للسارق ويتلاعبون بعقولنا بكل سلاسة فلا نستغرب ملايين تبكي على موتى ولا تبكي على أحياء تموت في اليوم الف ميتة … لا تستغرب نحج في كل عام وجارنا يموت من الجوع كل يوم ..  الفقراء كفار يجب ان يذهبوا الى الله سريعا فيرسلون  لهم من يزهق أرواحهم بالجملة .. والأغنياء يجب ان يبقوا احياء لانهم شعب الله المختار …

معادلة وضعها الحاكم في كفة ميزان جوع وفقر وجهل في الكفة الاولى . امتلاك وقوة واستحواذ في الكفة الثانية … من يستطيع فك رموز المعادلة سيصل الى الحقيقة …؟