مواطن يتمتع بجميع حقوق المواطنة، واخر في نفس الدولة يحرم منها، برغم المساواة التي نص عليها الدستور العراقي، وكأن الاول مواطن من الدرجة الاولى والاخير من الدرجة الثانية، احداث ما بعد 2003 فرضت نوع من التمايز اولا وبالأساس على حساب القرابة والمصلحة والوظيفة وثانيا العقيدة والمذهب ثم الجنس، وكان هذا التمايز موجود في عهد النظام البائد الا ان مواطنو الدرجة الاولى معدودين ومعروفين آنذاك وهم المحيطون بالبلاط الرئاسي حصرا. القوانين والقرارات المنظمة التي كفلت حق الحصول على سكن ملائم، مثلا، لكل فرد في العراق، واقعها اناس تتمتع بالقصور وتستطيع ان تؤمن سكن لعوالهم واحفادهم بسبب وظيفتهم ومنصبهم او قرابتهم من المسؤولين وتجري كفالة الدولة لهم دون غيرهم كأنهم مواطنون من الدرجة اولى، واناس تسكن العشوائيات او يذهب قسم كبير مما يحصلون عليه كبدل ايجار للبيوت او الشقق التي يسكنونها. وامور اخرى كثيرة غير السكن قسمت بصورة غير مباشرة البلد ومواطنيه الى اول وثان فجميع العاملين وسائقي التاكسي والدرجات المتأخرة في السلم الوظيفي والمتقاعدون ما قبل 2003 والعاطلون والفقراء كلهم مواطنون بعيدون عن كفالة الدولة وكأنهم عبء عليها وعطاءها لهم محدود جدا يكاد لا يذكر لأنها تعتبر نفسها تمن عليهم بهذا العطاء... اجبر النظام السابق اغلب الناس على ممارسة اعمال بسيطة وحقيرة لا تتناسب مع كفاءاتهم وقدراتهم ولا مع حجم موارد العراق المالية الهائلة بعد ان زج البلد في حروب وازمات متتالية انهكت ابناءه، فميزانية العراق كانت تذهب الى جيوب الاسرة الحاكمة الذين يمثلون خمس ما موجود الان، والباقي يذهب للتسليح والتصنيع العسكري على اعتبار ان صدام كان مهووسا بالحروب، وبعد التغيير تكرست هذه الحالة وترسخت اذ كثر المنتفعون فضلا عن تحويل ما كان يصرف على السلاح الى مؤسسات الفساد التي انتشرت بصورة سريعة وكبيرة، ومن اجبر في السابق على ترك وظيفته او دراسته صار يقف بطوابير لا تنتهي ليأخذ 100 الف دينار من دائرة الرعاية الاجتماعية كل ستة او سبعة اشهر، على خلاف من جاء من الخارج بشهادة مزورة ليحتل مناصب تؤهله الى كفالة الدولة. المواطن كلما يرتقي بمنصبه ووظيفته وقرابته من المسؤول تزيد كفالة الدولة له ويزداد تمتعه بخيراتها، اما العامل البسيط يد الدولة مغلولة لإسعافه ومساعدته وان نظرت صوبه فكمواطن من الدرجة الثانية تقتر العطاء عليه ليبقى فقط على قيد الحياة. القاضي راتبه الشهري يتجاوز الخمسة ملايين دينار ومنهم من يملك بيتا واعطته الدولة بيت وقطعة ارض تصل قيمتها الى 250 مليون دينار، وكذلك من هو بمنصب مدير عام وحتى رئيس قسم، فضلا عن اصحاب الدرجات الخاصة، وبالمقابل ولم تقم الدولة منذ تشكيلها وللأن بمنح شبرا واحدا للمواطن الفقير، وان منحت فبالتأكيد تراعي درجة المواطنة وتأخذ بالحسبان على ان الفقير مواطن من الدرجة الثانية فلا يمنح كما يمنح الاخرون.
|