مختار مدينة في خمسينات القرن الماضي

 

قد يبدو العنوان ( عادي جدا ) ، ولا يستحق أن يأخذ هذا الضوء ، ولكن عندما يُقرأ مضمونه  يعطي صورة دقيقة عن وضع العراق ، والمقارنة بين حالتين ، أو مفهومين .. المواطنة والمحاصصة … فالمواطنة حالة أصيلة  وفضاء أرحب ،  يسع الجميع ، وتأخذ قيمتها من المنسوب اليه ، وهو الوطن الواحد .. بينما المحاصصة غريبة لأنها تضيّق حدود الانتماء اذا حصرته  برافد واحد ، أو من حيث معناها المباشر..

 لقد أكدت التجربة ، أنه ليس بإمكان العراقيين ( التأقلم ) مع المحاصصة ، لانها غريبة وطارئة عليهم ، وهم يرفضونها ، لانها كانت ، ولا تزال وراء الكثير من المشاكل والازمات التي تعاني منها بلادهم  .

ولكن مما يدعو الى العجب ، أن السياسيين يلعنون المحاصصة ، صباح مساء ، لكنهم لا يغادرونها .. وفيما ينتقد البعض تمسك الاخر بها ، يطالب هونفسه باستحقاقه بموجبها بحجة المكون أو ما شابه من التسميات التي تنتهي عندها ..فأين الحقيقة ..؟!

واذا كان السياسيون والحكام يتغيرون لأي سبب من الاسباب ، فان الشعب ثابت ، وهو ركن السيادة الاساس وبدونه لا قيمة للارض ولا الدولة ولا العلم … فهذا الشعب لم  يعرف عبر تاريخه  الطويل المحاصصة التي تقسمه على اساس المكونات .. ويرى أن الانتماء للخيمة الاكبر ، لا يلغي الانتماء للدين ، أو المذهب ، أو القومية ، شرط عدم الانغلاق والتعصب ، والغاء الاخر   .

فعلى سبيل المثال تعد ( ناحية كميت ) بمقاييس المحاصصة المقيتة اليوم  ( شيعية ) ، لأن سكانها جميعا من هذه الطائفة عدا مواطن واحد ( سني ) هو سيد ابراهيم رحمه الله ، لكنهم جميعا – برغبة منهم وجدارة منه –  إختاروه أن يكون (  مختارا ) للناحية في الخمسينات أو الستينات ، كما اعتقد ، ولم يفكروا  بطائفته ، وانما بمواطنته ، وهل هو جدير بتمثيل الناحية ،  واعطاء صورة دقيقة ومشرفة عنها أم لا ..  واستمر مختارا بدون منافس  الى أن توفاه الله ، وجاء بعده المرحوم  مجدي السلمان ، وهو احد شيوح الناحية المحترمين  ..

وبالتأكيد لم تكن  ( كميت ) وحدها لا تعرف الطائفية ، بل كل العراقيين وقد إخترتها للاستدلال فقط ، وكمثال حي  عن مفهوم المواطنة يومذاك ، وظل ماثلا في ذهني عن  طبيعة النسيج الاجتماعي العراقي المتماسك ، لاني عشت هذه الحالة واتذكرها جيدا ، ويحضر أمامي عندما تتصاعد الدعوات بحق المكونات ، وينسى البعض حق الوطن الكبير الذي يحتضن كل تلك التفرعات …وتلك من الثوابت الوطنية ..

وقد تدخل كميت ( بموسوعة غينيس ) للارقام القياسية بمقياس المحاصصة الاستثنائية  .. لكنها بمقياس الوطنية حالة طبيعية جدا…

فاين ( المحاصصيون ) من هذه الصورة المشرقة للعراقي الجميل الأصيل ….. ؟!..

{{{{{

كلام مفيد :

كل أنسان أعرف بنفسه .. فلا يغرك المادحون ، ولا يحبطك القادحون ، ما اسهل أن تنال رضا الخالق  بكلمة طيبة ، لكن ما أصعب رضا المخلوق  بمجلد ..فرضا الناس غاية لا تدرك ..