العراقيون بين اليابان والمريخ

 

 اطلق الشباب العراقي حملة فيسبوكية اسمها: “نحو اليابان”.. وقرروا الهجرة الجماعية من بلدهم، بعد فشل الإصلاح تاركين العراق للمفسدين والساسة والمتمسكين بالكراسي..

وكان الفساد قد تفشى في البلاد.. إذ لم تستطع المظاهرات شيئاً.. ولم تحظَ حكومة التكنوقراط بالنجاح والتوفيق، ولم يتمكن الوزراء الجدد -رغم مهنية بعضهم وكفاءتهم – من وقف زحف الفساد وكشف حيتانه ومن التغلب على “التقشف”! وساءت الأوضاع بشكل متزايد من: تردي الخدمات.. انقطاع الكهرباء.. هبوط مستوى التعليم.. انتشار البطالة.. انخفاض مناسيب المياه.. معاناة النازحين والمهجرين.. تفاقم الرشا في انجاز المعاملات..

واُختلف على البلد الحاضن، فأمريكا “بلاد الشر والعهر”، وفرنسا “بلاد العطور والرومانسية” وألمانيا “تحكمها أمرأة”، والدول الأخرى “بلاد الكفر”.. وأخيرا اُختيرت اليابان؛ لأنَّها بلاد القانون والانضباط والتكنولوجيا، وتربطنا بهم علاقات آسيوية، ونكبويّة كما في مدينتي هيروشيما وناكازاكي! وبدأ الاتصال مع الأخوة في اليابان الذين تعاطفوا جداً مع العراقيين، وقبلت احتضانهم.. وأعدت مدينة خاصة لهم، وكذلك سكن وعمل، يناسب كلّ منهم وحسب كفاءته بعد الاطلاع على سيرهم الذاتية..

وفي الرحلة نحو اليابان، كان العراقيون قد بلغوا الذروة في الإنسانية والأيثار والتفاني والتضحية، يساعد بعضهم بعضا، ويشدّ بعضهم من عزيمة بعض..  ولمَّا وطأوا أرض اليابان بدأ التنافس والتدافع ورمي القناني وتحطيم الأثاث.. كلٌّ يصيح هذا لي.. أنَّه استحقاقي.. وعبثا حاول الأشقاء اليابانيون إفهامهم أنَّ الكراسي توزع وفقاً للاستحقاق..

وهدأ الحال بعد أن وعد الأصدقاء في اليابان بدراسة الموقف وكلّ حسب مؤهلاته وخضوعهم لامتحان فيما يتعلق بالمناصب. ومضت فترة وبدأ العراقيون يرتادون أندية التدليك “المساج” و”الساونا” التي هي بإشراف الجميلات اليابانيات ممَّا أثار غضب العراقيات وغيرتهن على أزواجهن.. كما بدأت الفتيات العراقيات بالتحرش بالشباب الياباني بل حتى بالمتزوجين منهم، اعتقادا منهن أنَّ الزواج الثاني أمر اعتياديّ! ممَّا أثار حفيظة اليابانيات!

وبدأت مراكز الشرطة تكتظّ بالشكاوى ضد العراقيين! فاجتمع حكماء اليابان وساستهم ومثقفوهم في أحد الغابات بعد ممارسة رياضة “اليوغا” وقراءة تعاليم “بوذا” لإيجاد حلّ، وقرروا الإبقاء على المنضبطين والكفاءات والنزيهين فقط، وكان نسبة هؤلاء لايتجاوز 1 بالمئة من القادمين! أمَّا الباقي فخيروا بين أرجاعهم لبلدهم أو مكان آخر تختاره اليابان.. فاضطر البعض للرجوع للعراق لاسيما الذين اعتادوا على الرشا والنفاق والنميمة ومسح الأكتاف! واستقبلوا بحفاوة بالغة! أمَّا الذين رفضوا العودة فاضطرّت اليابان إلى ترحيلهم إلى كوكب “المريخ”..  ومنذ ذلك الوقت و”المريخ” يمرّ بحالات غريبة، فمرّة يقترب من الشمس، وتارة من القمر، وأخرى يخرج عن محور دورانه.. وحيناً يتقافز كأنه يرقص..وأصيب علماء وكالة “ناسا” الفضائية بالحيرة، بل استقال بعضهم لعدم قدرته على تفسير هذه الظاهرة خصوصا وأنَّ الأخوة اليابانيين لم يخبروهم بأمر ترحيل العراقيين هناك!

وكان العراقيون في اليابان يطلقون على الباقين في العراق “الفاسدون”، فيما يطلق هؤلاء على عراقيّ اليابان “الخونة” والعملاء” لاتصالهم باليابان! فيما اُطلق على عراقيّ المريخ “المَقسورون” أي الذي أكرهوا على الرحيل للمريخ!

ولا نعلم شـــــــــيئا من أخبارهم ولكن نتمنى لهم التوفيق!