مؤسس فوضى "شرع اليد" وقانون الغاب يستجوب القادة الأمنيين

 

المسلة 

سوف يمر زمن طويل، قبل أن ينسى العراقيون إن حامي الأمن والمشرِف عليه، ممّن أتت به الاهواء السياسية، لا المهارة الإدارية، والأخلاق السياسية، هو المحرّض على الفوضى وتهييج الجمهور ضد المؤسسات الحكومية.

فقد شوهد هذا المسؤول المنتمي إلى كتلة الأحرار التابعة لتيار مقتدى، حاكم الزاملي، وهو يتجول بين المتظاهرين قبيل اقتحام المنطقة الخضراء في 30 نيسان الماضي، فيما راح أعضاء من الكتلة التي ينتمي اليها يوجهون مقتحمي المنطقة الخضراء نحو الأهداف المرسومة، في حوادث "شرع يد" خارجة على القانون تكررت في أكثر من مرة، و مكان، منذ 2003، كان آخرها عملية الاقتحام المعروفة للخضراء من قبل فاعلين جمعويين جلهم من انصار تيار مقتدى، والمدني.

المشرفون على الفوضى نددوا بها. وفيما هم أول من حرضوا عليها، دعوا الى محاسبة القوى الأمنية في خلط مريع للحقائق.

وأدى هذا النمط من التحايل على الحقيقة، أن راعي الفوضى والاضطراب يستضيف القادة الأمنيين في ‏الاربعاء‏، 18‏ أيار‏، 2016، بينهم وكيل استخبارات الداخلية لشؤون الاستخبارات، مدير استخبارات الداخلية، مدير الامن العام، مدير الاستخبارات العسكرية، مدير أمن واستخبارات بغداد، وقائد عمليات بغداد، وقائد العمليات المشتركة، ومدير الامن الوطني ومدير جهاز المخابرات، ثم وزيري الدفاع و الداخلية.

هؤلاء سيخضعون للاستجواب أمام المحرض على التظاهرات، والمؤجّج لأعمال العنف والتثوير.

هذه السلوكية المتناقضة في شخصية الزاملي بين كونه الحافظ المفترض للأمن، وانكشاف حقيقته عن مسؤول فوضوي يألّب الجماهير ضد النظام السياسي الذي هو جزء منه، وتفضيله الولاء الحزبي على الوطني، هي نتيجة طبيعية لعدم وضع الرجل المناسب في المكان المناسب، فلم يكن تبوأه المنصب عن جدارة وكفاءة وأكاديمية بل عن محاصصة وتوافق سياسي، فحسب.

ومن غير الخوض في ماضي الزاملي قبل مسؤوليته هذه، فانّ بإمكان المتابع للشأن العراقي، تصفّح صفحات من تاريخ الرجل ليدرك انعكاسات هذا الماضي على شخصيته .

وهذه العقلية التبسيطية لتخريب وقع على أيدي أنصار تيار مقتدى من قبل الزاملي حين قال الأضرار التي تعرض لها البرلمان تكلفتها لا تتجاوز المليون دينار عراقي، تقابلها عقلية "تضخيمية" سلبية لخصوم التيار.

 وعلى هذا النحو يُقاد الزاملي بعقليتين جعلت منه ازدواجيا غامضا حتى في سلوكه العام، فبينما تحمّس مع النواب المعتصمين متعهدا لهم بعدم الانسحاب، مقسما على ذلك، فانه غادرهم مع أول إيعاز من زعامة التيار.

لكن لماذا الإصرار على تبني العنف في حياة الزاملي منذ ظهوره المفاجئ على الساحة السياسية بعد 2003 من دون الخوض في ماضيه المعروف قبل هذا التاريخ.

 إنّ من علامات هذه الاضطراب السلوكي، إن النائب الزاملي وعد بعدم "التعدي" فيما اقتحم مندوبي التيار الصدري مقر وزارة العدل في 19 من نيسان 2016 وهددوا الوزارة والموظفين بانهم "اذا لم يجيبوا بالرفض او القبول بتقديم الاستقالة فسوف لن يسمح لاي موظف بالحركة".

وبعد كل هذا، فليس مستغربا أن تُسيّر القوانين الحزبية، الزاملي، لا قوانين الدولة، حيث الالتزامات اتجاه التيار فوق قانون الدولة.

لقد أسس الزاملي ومن على شاكلته لسوابق خطيرة في تكريس مفهوم "الدولة داخل الدولة"، عبر المحاسبة وفق قوانين التيار لا القوانين المعمولة، في ظاهرة تسنّ فيها الأحزاب لنفسها، الأنظمة التي لا تتفق مع القوانين الوطنية، فتشرع في إنشاء جمعيات مسلحة خاصة بها، وتعاقب وتكرم بعيدا عن سلطة القضاء، والدستور.

لقد أسس تيار مقتدى للدولة المليشاوية حين شرع في معاقبة المتهمين من أعضاءه، وحين جعل نوابه مثل الزاملي يحرض على التهييج والفوضى فيما هو يستدعي الأجهزة الأمنية للاستجواب.

لقد تُرجمت على لسان الزاملي شعارات التهديد والوعيد، الى رسائل لتهديد القوى السياسية وتحريض الجمهور ضد الشركاء السياسيين عبر محتجّين، ركبوا شطط الفوضى، ولم يحترموا مؤسسات الدولة، وقرروا تطبيق القانون على طريقتهم كما يحدث ذلك في أي مجتمع بدائي، حيث القوة والتهديد هي السيّد.

إننا أمام ظاهرة يتقمّص فيها النائب دور المتظاهر ضد مؤسسات الدولة بناء على أوامر زعيمه ويمارس ودوره في البرلمان ليس كنائب ممثل للشعب بل منفذ لسياسات الحزب .