العبادي رجل المرحلة

نعم شئتم أم أبيتم وأنا قلتها من أول يوم تسلمه إني أخاف من خطواته الاقتصادية لأنه هو من قاد أول عملية خصخصة-تقريباً سرية بغطاء تنظيم القطاع- في العراق والتي ساهمت في تدمير قطاع الاتصالات الحكومي واستسلم الناس للأمر الواقع فشركات الاتصالات وراعيهم الرسمي -هيئة الإعلام والاتصالات- دولة داخل الدولة بل هي دولة فوق الدولة!الشهرستاني-حامي ثروات العراق!- أتم المهمة على أكمل وجه وسلم نفط العراق كلياً للأخوات السبع وتوابعها والتي ما دخلت دولة إلا وابتلعتها! وحمار من يظن إنها لا تبحث عن الأرباح والسيطرة ، والعبادي كان يومها رئيساً للجنة الاقتصادية في مجلس النواب حسب ما أذكر!العبادي قاد ولازال هيكلة الشركات الحكومية أو ما بقي منها متجاهلاً كل دعوات دعم الصناعة المحلية والاستفادة من خبرات التصنيع-خاصة العسكرية منها-وصرخات منتسبي تلك الشركات التي صٌنفت خاسرة في حين إنها تم تخسيرها!تخفيض-لاحظوا لم أقل إنخفاض- أسعار النفط  هو لإعادة تشكيل الوضع الاقتصادي في كل من روسيا وايران والعراق والسعودية ودول أخرى، إيران وروسيا تمكنتا تقريباً من تجاوز الوضع وإن كانت الاتفاقات الاقتصادية الإيرانية الأخيرة لا تنبئ بخير، والسعودية المطية الضحية، نعم فهي المطية التي ركبها الكبار لتخفيض أسعار النفط وهي ستكون إحدى ضحايا ذلك التخفيض وقد بدأ الإصلاح الاقتصادي الذي يقوده محمد بن سلمان يفعل فعله سلبياً، أما العراق فالخاسر الأكبر!اقتصاد الكوارث وفقاً لعقيدة الصدمة-كتاب عقيدة الصدمة- صعود رأس مالية الكوارث للكندية نعومي كلاين- وفعل القرصنة الاقتصادية-كتاب الاغتيال الاقتصادي للأمم-اعترافات قرصان اقتصاد للقرصان الاقتصادي الأمريكي المتقاعد جون بيركنز- سينتج اقتصاداً يغدق فقراً-كتاب اقتصاد يغدق فقراً-التحول من دولة التكافل الاجتماعي إلى المجتمع المنقسم على نفسه لهورست أفهيلد- وهذا هو ما يجري في العراق بصمت فيزداد الأغنياء غنى والفقراء فقراً-كتاب رأس المال في القرن الواحد والعشرين-الأغنياء يزدادون غنى والفقراء يزدادون فقراً للاقتصادي الفرنسي توماس بيكيتي، وكتاب لماذا يزداد الأغنياء غنى والفقراء فقراً  لمارك بوكانان- بعد أن أرست الولايات المتحدة الأمريكية في العراق قواعد نظام ديمقراطي توافقي يجري فيه الفساد ويتم حمايته في نفس الوقت بأطر توافقية، ويتم تقاسم ليس النفوذ السياسي فقط بل النفوذ الاقتصادي أيضاَ وفق أسس توافقية، فصنع مافيات اقتصادية، ديمقراطية الأغنياء أو الكبار التي استثمرت حتى دعوات الإصلاح فجعلت من العناوين الثانوية عناوين رئيسية فصار الشعب بدلاً من أن يطالب بقانون أحزاب يقضي على تأثير المال السلبي على الانتخابات صار يطالب بتقليص الرواتب وهو لا يعلم-رغم حقانية المطلب بالأصل-إن مطالبته هذه بدون قانون أحزاب ستجذر ديمقراطية الأغنياء أكثر وأكثر!العراق الذي أنتقل بلمح البصر وبقدرة الساحر بريمر من اقتصاد اشتراكي مركزي إلى اقتصاد سوق فوضوي، وكان انتقاله ولازال مضحكاً مربكاً فأي فائدة يمكن أن يجنيها بلد منهك اقتصادياً ويعيش فوضى سياسية وأمنية من تطبيق اقتصاد سوق بشروط أمريكية غير الوصول للحضيض اقتصادياً وتمكين رؤوس الأموال من التلاعب بالسياسة وحماية مصالح الأغنياء؟!ليس هذا فحسب بل دخل العراق-وبسرعة البرق- في اتفاقات مع منظمة التجارة العالمية، هذه المافيا الاقتصادية العالمية الكبيرة والتي فاوضتها روسيا وهي الكبيرة اقتصادياً وسياسياً بما لا يُقارن مع العراق سنوات سبع والعراق أنجز ذلك بسرعة كبيرة وعد الأمر منجزاً عراقياً!!والأمثلة كثيرة.اليوم وبصمت يستثمر دعوات الإصلاح-التي انطلقت من المطالبة بالخدمات وانتهت بالمطالبة بحكومة ظرف مغلق!- والحرب مع داعش-البعبع الأمريكي الصنع السعودي التمويل- ككواتكم وشواغل، يعود رجل المرحلة حيدر العبادي-علم أو لم يعلم- ليرسم صورة كارثة خدمية وأمنية واقتصادية لبلد منهار سياسياً وخضراؤه المنيعة تقتحم للمرة الثانية ليفقد الجميع ثقته بالشكل الحالي للدولة، وتصبح دعوات الاصلاح ذات طابع فئوي آيديولوجي –توليفة إلحادية وعلمانية ومهدوية ويمانية غريبة-وتفتح الباب على مصراعيه للإندساس، وسط أداء مرجعي غريب لا مجال للخوض بتفاصيله هنا، كل ذلك يهيئ للصدمة التي تجعل المصدوم يقبل بأي حل حتى لو كان يقود للأسوأ لأن هاجسه أصبح التغيير لا الإصلاح!وسط كل ذلك يلتقي رجل المرحلة-أتضح لكم الآن ربما لما اسميته رجل المرحلة- العبادي بميرزا حسين المدير العام السابق للهيئة العامة للصناعة في الكويت والسفير الكويتي السابق في الولايات المتحدة الأمريكية-وأمريكا تعرف كيف تختار رجالها- و المدير التنفيذي حالياً في البنك الدولي والمختص بشؤون العراق، حيث يقول الأخير بحسب نقل صفحة العبادي الرسمية " إن استقرار العراق أمر مهم ولدينا استراتيجية جديدة بزيادة التعاون مع العراق ودعم القطاع الخاص والقروض الميسرة، مبدين دعمهم الكامل للإصلاحات التي يقوم بها الدكتور حيدر العبادي وان العراق اذا استمر بهذا النهج فانه سيتجاوز الازمة ويتطور كثيراً"!!!أضع ألف خط وخط تحت عبارة "استقرار العراق أمر مهم" فالبنك الدولي ما دخل قرية إلا أفسدها ولكم في الارجنتين وتشيلي وبنما وإيران مصدق وإندونيسيا وووو أمثلة يا اولي الأبصار!البنك الدولي وصندوق النقد الدولي ومنظمة التجارة العالمية منظمات وجدت لحفظ وتطوير حقوق وامتيازات الكبار، ورجل المرحلة يقدم لهم العراق على طبق من ذهب، فجيش البطالة سيزداد فيالقاً جديدة، والطبقة الوسطى ستنقرض، والبطاقة التموينية-كتبت مرة عنها فأبلغني أحد المتنفذين بأن استيرادها يخضع للمحاصصة أيضاً فالسكر لفلان والزيت لفلان وهكذا!- في خبر كان!السيناريوهات كثيرة ولعل أقربها للواقع الآن إشعال فتيل صراع شيعي شيعي-أو التلويح به لإفقاد البعض خياراته في التحرك-وباستثمار دعوات الإصلاح والتوتر بين الطرفين فأما يبقى العبادي-وهذا الاحتمال بدأ يتضاءل- وتبقى هذه الفوضى لتكون تغطية لما يجري اقتصادياً وثقافياً، أو يرحل تاركاً الحال أما لسيناريو سيسي أو حفتري أو خرساني، أو تقاسم مناطق نفوذ ميليشياوي، وكل الخيارات المذكورة حلوة مريئة لأصحاب اقتصاد الكوارث!أو أن يعي الشعب ما يدور حوله ولا ينظر لزاوية واحدة من الحدث ويرفض كل ذلك ويُطالب بإصلاحات حقيقية ممكن أن تصنع دولة للعراقيين وليس دولة لفلان وفلان.