عقود التراخيص – قراءة في أبجديات الثوابت الوطنية لمضامينها

توطئة- أنها من المواضيع الساخنة والأستراتيجية بتعلقها بخبز الشعب ومستقبل أجياله ، وهي قابلة للجدل لها من المؤيدين والمعارضين ، هناك في وسائل الأعلام بين من يمتدح هذه العقود وبين من يذمها ، وبين من يشكك بوطنية الحكومة التي أبرمت هذه العقود ، ومن تعريف عقود المشاركة في الأنتاج هي عقود تبرم بين الحكومة أو شركة نفطية (محلية ) تمثلها مع شركة أو مجموعة شركات أجنبية ( وترسو بطريقة المزايدة ) ، يكون الطرف الثاني الأجنبي مسؤولا عن توفير الخدمة الفنية والمالية للتحري عن النفط ، والعمليات التطويرية الأنتاجية اللاحقة ، وفي حالة العثور على النفط يحصل المقاول أو الطرف الأجنبي على حصة ربح متفق عليه من الأنتاج ، اضافة إلى كميات من النفط المنتج مقابل مجازفة أو مخاطرة التعاقد ، أما في حال عدم العثور على النفط فأن المقاول الأجنبي سيخسر كل الأموال ا لتي صرفها دون أي تعويض من الحكومة ، لقد حصلت الشركة البريطانية العملاقة ( برتش بتروليوم ) على عقد كبير في حقل الرميلة ، وحصلت الشركة البريطانية الأخرى ( شل ) ، وكذلك شركة ( موبيل ) الأمريكية الكبيرة .
عرض العراق الحقول التفطية خلال جولة التراخيص الأولى والثانية للتطوير من قبل شركات عالمية، بعد أستقرار الوضع في العراق عام 2008 ، تمت كتابة عقود التراخيص من قبل شركات بريطانية ، وتضمنت العقود تطوير 17 حقلاً من قبل الشركات المتعاقدة ، ثُمّ أنتهى الأمر ب12 حقل و5 حقول تقوم الدولة بتطويرها من خلال مؤسساتها النفطية المختصة ، وللأسف الشديد لم تتمكن الدولة من تنفيذ تطويرها ، وحاولت لاحقاً بتحويلها إلى عقود تراخيص الجولة الثانية ، بحجة عدم وجود أموال كافية ونقص في الكوادر والبنى التحتية ، وتم أدخال جميع ( الثوابت الوطنية ) إلى مسودة التراخيص الأولى والثانية التي منها : تشغيل 85 بالمية للأيدي العاملة العراقية ، أدخال التكنلوجية الحديثة في أنظمة العمل التي هي الأساس في منع الفساد ، وتقليل الكلف ، وزيادة الأنتاج ، وأدارة العمليات تكون عراقية ، ويحصل العراق على نسبة 25 بالمية كربح لا يدفع عنها رأس مال ، ويمكن أن نلقي نظرة سريعة ومختصرة على بنود التعاقد لجولات تراخيص النفط : 1-تتسلم الحكومة حصة ما تسمى ( ريع حق الملكية ) عند بدأ الأنتاج ، وقد تكون قيمتها صفر . 2- تستلم الشركة الأجنبية 40 بالمية عن ما تسمى بنفط الكلف لأسترجاع رأسمالها الأستثماري كاملاً . 3- يقسم ما تبقى من الأنتاج الذي هو 60 بالمائة بين المستثمر الأجنبي والحكومة بموجب أتفاق مسبق ، كأن يكون 70 بالمية حصة الحكومة ، والباقي للشركة بعد دفع ضريبة دخل والباقي ربحه
حسنات عقود التراخيص
-وهي مناسبة للحقول المعقدة التي تحوي كميات قليلة من النفط وتواجه تحديات كثيرة فهي مقبولة أقتصاديا .
- نقص الكوادر ونقص الأموال وأستلام العراق بعد 2003 أرثاً ثقيلاًمن مساويء الأنظمة السابقة ، لذا أتجهت إلى الخبرة العالمية في هذا المجال ، أضافة إلى أن العراق غير مصنف من ناحية الأئتمان ولا يمكنه الحصول على القروض اللازمة – ولأن العقود تضمنت ثوابت وطنية منها تشغيل 85 بالمية من الأيدي العاملة من مختلف الأختصاصات ، وأدخال التكنلوجية الجديدة للعراق ، وخبرات أجنبية مفيدة في مجال القطاع النفطي .
- وتكون ضمن العقود لجنة مشتركة مكونة من أربعة أعضاء من الشركات وأربعة من وزارة النفط ، ويحصل العراق على 25 بالمية من الأرباح بدون رأسمال .
- تأسيس فرقتين للمراقبة والأشراف في مقر الوزارة حيث تكون محطة مهمة جدا لمرور أي مشروع ، وهي ضمانة أكيدة وعظيمة للحد من الفساد .
- أن كلف التطوير عالية جداً مما تؤدي إلى أرتفاع كلف الأنتاج بسبب الأنفاق الأمني ورواتب المستشارين لذا من الضرورة الأقتصادية والوطنية الألتجاء إلى عقود تراخيص المشاركة .
- من خلال العقود جرى تطوير وسائل الأنتاج بأضافة محطات عزل النفط والغاز ، ومحطات عزل الماء ، ومحطات ضخ النفط ، وكبس الغاز جديدة وخزانات لمختلف الأغراض ، ومنظومات قياس ، وأخرى لمكافحة الحرائق ، وغيرها للأتصال ، فالجميع منظومات حديثة وليست ترقيعية ، وفك الأختناقات من البنى القديمة المتهالكة والتي تجاوز عمرها الخمسين عاماً ، هي منشآتٌ لم تعد صالحة ، أو على وشك أن تكون خارج الخدمة ( سكراب ) وهي نتيجة لعمليات (التطوير الحديثة ) ، وأن هذه الأضافات في التطوير البنيوي للأنتاج هو ملك صرف للعراق .
- ومن ايجابيات عقود التراخيص : أن صناعاتنا النفطية كانت متلكئة وعاطلة وكان من الضروري أدخال الشركات المتقدمة لتطويرها ، والميزة الأيجابية الأولى هي : أن الشركات الأجنبية تتحمل فعلا كافة المخاطر والتكاليف عن التنقيب عن النفط حتى وأن فشلت ولم تعثر على شيء ، فلن تترتب على الحكومة أية خسائر ، والميزة الثانية : هي أن الحكومة تمتلك النفط وجميع منشآته .
- والمشاركة في هذا النوع من العقود تفضلها بعض الحكومات لأنه يجنبها المجازفة عن التنقيب في مناطق وعرة وبكر لم تستكشف من قبل أو بعد وقد تكون أصعب حينما تكون في أعماق البحار .
سلبيات عقود التراخيص
** وسط التراجع الحاد الذي شهدته أسعار النفط في السوق العالمية ، أعلنت وزارة النفط أن العراق مدين بعشرين مليار دولار أمريكي لشركات النفط العالمية في العراق وذلك لعدم التوقع العقلاني الذي أنخفض فيه سعر البرميل للنفط الخام حيث كانت الأسعار عند كتابة عقود التراخيص بين 100 – 90 دولار ، بينما ينخفض اليوم إلى دون 35 دولار ، ويفترض قانونا تسديد هذه الديون المستحقة من موازنة وزارة النفط والبالغة 12 مليار دولار ، وأطلاق سندات خزينة بقيمة 12 مليار دولار ، ومن أسباب هذأ الأنهيار والخسارة الفادحة لعقود التراخيص هو – كما يؤكد الخبير الأقتصادي (عبد الرحمن المشهداني ) : أن شركات النفط لم تلتزم بتنفيذ ماتضمنته العقود التي وقعتها مع وزارة النفط والتي تشير إلى أنتاج نفطي يصل ألى خمسة ملايين برميل في عام 2015 ، وذلك لهبوط سعر البرميل من النفط الخام ألى ما دون سعر كلفة أستخراجه ، والعراق الآن ملزم دفع تعويضات ألى شركات عقود التراخيص عن النفط المنتج أذا لم يستطيع تصديره ** أن التطوير الوطني أفضل من عقود التراخيص ، ولكن للضرورة الأمنية والوطنية أحكام . ** لقد جرب العالم النفطي عقود التراخيص بشقيه ( عقود الخدمة وعقود المشاركة ) ، وتفحصتُ النوعين ووجدت أن عقود الخدمة الطويلة يمكنها أن تحقق أعلى منفعة للشعب العراقي .** وأن عقود التراخيص لا تشمل عزل الغاز وأستثماره لذا نجده يحترق منذ الأزل ونحرق ما يقارب 7 مليون قدم مكعب في المنطقة الجنوبية فقط لذا نستورد اليوم الغاز من أيران . ** ومن سيئات العقود هو أننا لا يمكننا تعديل شروط التراخيص فهي صعبة جدا بسبب الشروط الجزائية الثقيلة . ** فالتراخيص ألتفاف على قانون رقم 80 الذي كتبه الزعيم الشهيد عبد الكريم قاسم وعلى قوانين التأميم .
الخاتمة – قال: الخبير الأقتصادي ( حيدر حسين آل طعمه ) : أن عقود التراخيص النفطية تكاد تكون من أبرز المنجزات التي تفتخر بها الدولة العراقية بعد 2003 ، لأن المشاكل التي تهوّْلْ من قبل الأعلام الغير مهني ، ولآن المشكلة ليست في بنود التراخيص وأنما في أدارة جولات التراخيص لهذه الأدارة والتي تتغلغل من خلالها الفساد ، وبدأ كالعادة رمي كرة النار على البعض بغية أسقاطه سياسيا ً .
وأني لا أبريء ساحة القائمين على أتفاقية هذه العقود ، لهبوب رياح الفساد المالي الذي أزكم الأنوف ، ولكن عيون المخلصين الوطنيين في وزارة النفط تداركت الكارثة وقدمت ملف الفساد ألى لجنة الأمن النيابية وثم ألى هيئة النزاهة سنة 2012 وهو ملف مطروح على مدرجات مكتب رئيس المجلس شأن مثيلاته من ملفات الفساد الهائلة والمهملة .
هوامش --- بعض مقتطفات وأقتباسات ( بتصرف ) من 1 – محاضرة قيمة موسومه "بهل الخلل في عقود التراخيص أم بأدارتها" للخبير النفطي المهندس ( حمزه الجواهري ) بضيافة اللجنة الثقافية لمقر اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي يوم الأربعاء 11 أيار 2016 ، 2-مركز الدراسات الأستراتيجية في كربلاء حلقة نقاشية عن عقود التراخيص -- في 10- 2 – 2016 .3- الخبراء الأقتصاديون والأكاديميون في مجال النفط ( حليم كاظم ، عبدالمهدي العميدي ، د- حيدرحسين آل طعمه وعبدالرحمن المشهداني )