ما هي خطة لعبة داعش الجديدة في بغداد؟


القادة العسكريون الامريكان، ازداد قلقهم هذه الايام بعد موجة التفجيرات الاخيرة التي شهدتها العاصمة بغداد، لاعتقادهم بان هذه التفجيرات قد تعرقل الهجوم المزمع على الموصل لاستعادتها بعد أن طوقتها القوات الامنية منذ فترة طويلة.

كما هو معلن، فان التفجيرات اودت بحياة اكثر من ١٠٠ مدني فضلاً عن توتر شديد شهدته العاصمة بغداد بعد أن صرح مسؤولون عراقيون ان وراء التفجيرات جهات سياسية، بحسب اعتقادهم، بينما يرى مسؤولون اخرون، ان هذه التفجيرات ستقضي بسحب قوات من خطوط التماس ضد داعش الى بغداد لتعزيز حمايتها، فيما حذر مسؤولون امريكان من استمرار هذا التوتر الامني والاخفاق الامني في العاصمة.

ستيف وارن، العقيد في الجيش الامريكي يقول، أن “إبقاء القوات في الميدان امر مهم، لكن حماية بغداد اهم”. موجة التفجيرات في العاصمة بغداد، تذّكر الامريكان بايام دموية خلال خلال فترة وجوهم بالبلاد، حيث كانت التفجيرات تستهدف سياراتهم ومقارهم فضلاً عن استهدافها المناطق الشيعية على يد انتحاريين.

يعدّ الامريكان الضربات الانتحارية في بغداد، تحوّلاً في طريقة تفكير تنظيم داعش وتغييراً في مجريات حربها بالعراق، فهي انتقلت وبحسب ما قامت به من نشاط في الاسابيع الماضية، من السيطرة على الاراضي السنية الى ضرب العاصمة ولاسيما مناطقها الشيعية.

خلال طريقه الى العراق، يقول الجنرال جوزيف ڤوتيل، قائد القيادة المركزية الامريكية للصحفيين، أن الهجمات في نتاج خسائر مسلحي داعش في المعركة لذلك، بدأوا بالبحث عن استعادة الزخم وزمام المبادرة، فضلاً عن اعتقاهم بان الحكومة العراقية ستحوّل جهدها من الحرب في مناطق تسيطر عليها الجماعة المتطرفة الى تشديد الحماية على امن العاصمة، وهذا ما يسمى بتحويل الجهد.

التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة، دربت حوالي ٣١ الف جندي من قوات الامن العراقية، وقرابة ٣٨٠٠ جندي في طور التدريب، ناهيك عن اكماله تدريبات لاكثر من ١٠٠٠ جندي من مقاتلي البيشمركة خلال الشهر الماضي. في خضم هذا التدريب، تعتقد الادارة الامريكية، ان حكومتي بغداد واربيل لن يستئنفان الحرب حتى بداية العام المقبل.

وعلى هذا الحال، فقد نشرت الادارة الامريكية قوات من الكوماندوس الامريكي بالقرب من المدينة وتعاقدت مع شركة تنظّم ضربات المدفعية لدعم الهجمات العراقية.

تصريحات الخبراء الأمريكيين لتحليل تداعيات التفجيرات تضاربت، فبينما يرى بريت ماكجورك، المبعوث الشخصي للرئيس باراك أوباما، أنّ الهجمات تؤكد أن تنظيم داعش يخسر وأنه في حالة دفاع، خاصة بعد أن فقد مساحات واسعة من أراضيه بفعل الهجمات البرية للقوات العراقية المدعومة من طائرات التحالف الدولي، يصرّح الجنرال المتقاعد، مارك هيرتلينغ، محلل الشؤون العسكرية، بأنّه لا يعتقد أن العمليات والتفجيرات الأخيرة التي يقوم بها مسلحو داعش نابعة من كونه في وضع يائس، وإنّما هي محاولة لسحب قوات الأمن العراقية إلى بغداد لفكّ الحصار على الموصل وإعادة خلط الأوراق، واصفاُ هذه الخطوة بالذكية للتنظيم.

الأمر لم يتوقف عند هذا الحدّ، فعلى إثر الهجمات الأخيرة، أكد هيرتلينغ، أن سياسة المرحلة الراهنة التي ينتهجها التنظيم ليست عشوائية وإنما انتقائية مدروسة، لها أهدافها التخريبية بالأساس، فاستهداف منشأة غاز البروبان في منطقة التاجي كان يهدف لتضييق الخناق على الحكومية العراقية وإظهارها في ثوب العاجزة عن تحقيق أبسط مقومات العيش اليومي للعراقيين، فغاز البروبان هو الذي يستخدمه أغلب العراقيون للطهي.

من المؤكد أن هجمات بغداد التي خلفت قرابة 200 قتيل ومئات الجرحى، ستكون محور نقاش طويل على طاولة رئيس الوزراء حيدر العبادي، كما أن التحالف الدولي الذي سيحتفل بعد أشهر قليلة بعامه الثاني من انطلاق عملياته العسكرية الجوية ضد تنظيم داعش، سيعيد مراجعة خططه الحربية واستراتيجياته التي ينتهجها، فلا التنظيم "تبدّد" ولا هو في الأشهر الأخيرة "تمدّد" وإنما كل ما في الأمر أنه غيّر خططه العسكريّة وأولوياته تماشيا مع متطلبات المرحلة.

تداعيات العمليات الأخيرة تواصلت وطالت البيت الشيعي في العراق وزادت من انشقاقاته وتعميق جراحه، إذ كشف "كريستوفر هارمر" المحلل السياسي في معهد واشنطن لدراسات الحرب، في تصريح لمجلة الفورين بوليسي الأمريكية، أن الهجمات الأخيرة على مناطق الشيعة ببغداد أدت إلى زيادة الإنقسام بين السكان الشيعة حيال الجماعات المسلحة والأحزاب الشيعية الحاكمة، حتى أن سكان المناطق الشيعية وسط موجة الذعر التي خلفتها التفجيرات، التي أعادت إلى الأذهان ما كان يجري في بغداد قبل سنوات، طالبوا الجماعات المسلحة الشيعية بحماية مناطقهم، متهمين القوات الأمنية بعدم القدرة على ذلك.

 

المصدر: مجلة فورين بوليسي الامريكية