باستثناء العواصف الترابية التي تأتينا بين حين وآخر، فنحن بلد لا يتعرض للعواصف المائية فبلدنا لا يطل على البحر الاسود او الاحمر المحيط الهادي او الهندي لكي نتعرض لتسونامي حيث تمتد جبال من المياه تقدم من وسط الماء لكي تغرق اليابسة بمن عليها من بشر او نبات او جماد. ولكننا تعرضنا لتوسنامي من نوع اخر لا يمكن اصلاح نتائجه كما يمكن اصلاح نتائج العواصف المائية، فنحن تعرضنا الى سيول عارمة من الصواريخ والقنابل بكافة انواعها، ومن حرق المؤسسات وتخريب البنية التحتية وسرقة اموال الدولة وحوسمتها كما اصطلح الناس على تسمية اللصوصية، فضلاً عن تخريب لكل ماهو جميل في حياتنا. تسونامي بشري ومائي اقض مضاجعنا وجعلنا في حيص بيص من امرنا، فلا نحن بعد سنوات من نشوئه على ارضنا قادرون على اصلاح ما يمكن اصلاحه ولا نستطيع ايضاً معالجة نتائجه الوخيمة التي افسدت الارض والنبات والجماد والانسان. ولقد رافق هذا التسونامي عدد من الافرازات السياسية والاجتماعية فشاعت الجريمة المنظمة واللصوصية والاختطافات والقتل العشوائي والطائفية البغيضة مما يتعسر على اكثر كتلة في المجتمع عشائرية كانت ام سياسية ان تعالج اثارها وما يترتب عليها من خراب ظاهر وتوقف في عجلة التنمية البشرية والاقتصادية وفي اللحاق بركب البلدان المتطورة خاصة وان هذا التسونامي جلب لنا منهاجاً لصناعة دولة جديدة متمثلاً بالانتخابات والبرلمان لم نحسن استخدامه فاستعضنا عنه بنظام بائس هو نظام المحاصصة الذي سيجر كتلة هائلة من المآسي والمعاناة، وسيكون عائقاً امام اي تطور يفكر به احدهم اذا فكر احد بذلك فالكل منشغلون بامتيازات السياسة وعطاءاتها ونجوميتها ووجاهتها وايفاداتها ولن يتخلون عن هذه المعطيات الا بحدوث تسونامي جديد! فهل يتحمل البلد بعد كل الذي قاسى وعانى منه جبالاً اخرى من مياه البحر البعيدة التي ستهيل علينا مرة ثانية اسماك قرش بشرية تأكل الاخضر واليابس وتترك المواطن المسكين اسير احلامه الوردية التي لا تغني ولا تسمن من جوع!!