المؤمن لا يكذب

سألني احد اصدقائي ممن يحملون الجنسية الامريكية وهو ليس مسلماً ويتمتع بخلق عال جداً ومخلص في علاقته معي وكثيراً ما يتألم لمشاهد القتل في العراق والعالم الاسلامي الى درجالمؤمن لا يكذبة البكاء في اغلب المواقف. سألني قائلاً انا اعرف ان الكذب في الاسلام من اكبر المحرمات التي توجب على المسلم الدخول للنار اذا اقترف هذا الذنب متعمداً. وهذا في عقائد كل الفرق والطوائف الاسلامية المختلفة. فلماذ تتعمد انظمة وشخصيات اسلامية كبيرة للكذب وتزييف الحقائق؟.

الحقيقة الاجابة على سؤال صديقي الذي احبه واجزم بصدقه حيرني وشعرت بالعجز عن الجواب مع علمي انه ينتظر مني الصدق بالاجابة، ولم اسأله عن امثلة لذلك السؤال لانها واضحة وضوح الشمس حتى شككت في نفسي ان السؤال يقصدني حيث كنت احدثه دوماً عن رقي الاسلام وتعاليمه والوضع الوردي للمشهد العراقي والتطور التدريجي في نواحي الحياة للمجتمع العراقي وبدا في مخيلتي بعض الامثلة ولم اذهب بعيداً حيث كان بين يدي تصريح لاحد قادة ايران ينفون اشتراكهم بالقتال في سوريا وقائد سعودي ينفون ايضاً مشاركتهم بصورة وأخرى لما يجري بسوريا وكلا الدولتين يمثلون اكبر طائفتين اسلاميتين متناقضتان وكذلك لا نستغرب ابداً حين نسمع امير في البحرين يتحدث عن العدالة والمساواة بين ابناء شعبه ولا نستغرب تصريحاً لرئيس ايراني يتحدث فيه عن تعافي الاقتصاد الايراني وهكذا كذباً ولانستغرب قائداً في السودان يتحدث عن الوئام بين اطياف شعبه فهو يكذب، ولانستغرب حين نسمع قادة قطر الصاعدون يتحدثون عن ضرورة مكافحة الارهاب وهم داعمون له، وحين نسمع عن اخوان مصر وانجازاتهم وعدالتهم. ومعارضة مصر والتفاف الشعب عليها ولبنان وحديثهم عن الوحدة الوطنية وسوريا واساطير النصر للطرفين وهم كاذبون جميعاً وجميعهم مسلمون يعلمون ان الكذب حرام ويكذبون حتى عندما يقولون الكذب.

عدت الى صديقي بعد وهلة ذهبت بها الى عمق الحقيقة وحيث اني اريد الهرب من الاجابة قلت له ولم اشعر لما سوف يقحمني من ادلة مخجلة. وما الذي دفعك الى هذا السؤال؟ قال سألت رجل دين معروف ماذا تعني لك امريكا؟ قال انها تمثل التطور والانسانية والحضارة الحديثة، وردف قائلاً الشعب الامريكي وليست النظام طبعاً. وبعد مرور اشهر قليلة على سؤالي له وقعت احداث بوسطن واصبحت حديث يتداول في اروقة حضرة رجال الدين فكان رد صاحبنا حول الحدث هؤلاء ويقصد الضحايا الامريكان كفرةٌ فجرة والله يسلط الظالم على الظالم. وهو بالامس يبجل ويثني على الشعب الامريكي!! اليس هؤلاء هم الشعب؟ كيف يكونوا كفرة وفُجار واصحاب انسانية وحضارة في ان واحد!! وهكذا اغلب القادة المسلمين.

فطال صمتي وأخترت عدم الرد والهروب من الموضوع افضل رد. وتبادر الى ذهني اجتماعات القادة السياسيين الاسلاميين العراقيين وهم يتبادلون الابتسامات والود والالفه والوئام كلٌ منهم كلف ازلامه لحفر حفرة كبيرة ليقع بها الاخر عند الباب وكذلك تذكرت قول الرسول محمد (ص) عندما سأله من في مجلسه عن المؤمن هل يزني او يسرق او يكذب؟ فأجاب (ص) المؤمن قد يزني او قد يسرق لكن المؤمن لا يكذب. وشعرت بالخجل حين تذكرت انني قلتُ لصديقي ذات مرة واصفاً المسلم (بالنحل ان اكله طيباً وخراجه طيباً واذا وقفت نحلة على عوداً لا تكسره) اذن اين انا مما وصفت وتعلمته منذ صغري لكنني استدركت وعلمت ان المؤمن لا يكذب فما بالك بالذي لا يزني ولا يسرق ولا يكذب اذن المؤمن هو المؤمن الانسان صاحب الخلق وان كان امريكياً وليس مسلماً.