رغم ( الهالة الكبيرة ) التي رسمت ( لداعش ) في العالم ، وتصدرها واجهة الاحداث والاخبار بشكل كبير على مدى مدة طويلة ، وتشكيل تحالف دولي كبير ضم أكثر من ستين دولة لمحاربتها ، وكأنها ( القوة الاعظم ) ، لكن لم يهتز لي ( يقين ) بزوالها سريعا بزمن يناسب سرعة ظهورها وانتشارها .. ولا زلت عند هذا الرأي .. وفي مقالات سابقة ومنها على سبيل المثال ( اسئلة من الخيال الشعبي ) و( الارهاب والوحدة الوطنية ) ، و ( الوحدة الوطنية ) ونشرت في صحيفة ( الزمان ) في تواريخ متفاوتة ، توقعت كغيري أن ( داعش ) ستنتهي لا محال ، وان كان لها هذا الامتداد على الارض ، لانها ظاهرة غريبة ، خاصة عن مجتمعاتنا ، وأن العد العكسي لها قد بدأ منذ أن وطأت قدمها مناطق كبيرة في العراق بسرعة كانت لغزا ، وجاءت بافكار ومبادىء غريبة من المحال أن تجد أرضا ومناخا وماء يناسب بذرتها ، ولذلك تلاشت بسرعة عن مناطق كثيرة احتلتها، وستلحقها جميع المناطق التي لا تزال تحت سيطرتها ، ولكن ما يجب التحسب اليه مسبقا ، هو منع تكرار داعش ، بمسمى أخر، لتكون صفحة أخرى من صفحات الاحتلال .. لقد ألحق الاحتلال بصفحاته دمارا واسعا بالعراق ، ومنه صفحة داعش ، وقد تحولت المدن التي احتلتها الى بقايا مدن واطلال تتطلب أموالا طائلة وجهودا كبيرة لاعادة اعمارها ... ولم نسمع الى الأن من الجهات المعنية ، وفي مقدمتها مجلس النواب ، ان طالبت بالتعويضات عن الخسائر والدمار والارواح التي زهقت خلال الاحتلال بعد انتفاء المزاعم التي ساقتها الولايات المتحدة لتبريره .. والأمر ينسحب أيضا على المدن التي احتلتها داعش لأنها من افرازات الاحتلال باعترافات الامريكيين انفسهم ... وفي مقال سابق بعنوان ( اعترافات امريكية ) في الزمان ايضا تناولت تلك الاعترافات وفي مقدمة من إعترف أن داعش كانت نتيجة لاحتلال امريكا للعراق الرئيس الامريكي باراك اوباما إذ قال في تصريح له أن ( داعش هي نتيجة غير مقصودة من تلك الحرب ، وهي ثمرة مباشرة لتنظيم القاعدة في العراق التي انبثقت من غزونا ، وبالتالي هي مثال للتبعات غير المقصودة ) ، وقبله ايضا تصريح القائد العام للقوات الامريكية في أوربا والقائد العام لحلف الناتو حتى عام 2001 ويسلي كلارك الذي قال فيه أن ( داعش صناعة أمريكية بتمويل من حلفائها واصدقائها بهدف القضاء على حزب الله ، وان واشنطن قد ساهمت في ترويج الحملة الاعلامية الترهيبية لداعش ) . لقد قاربت صفحة داعش على أن تطوى ، وقبل أن تنتهي مدة مفعولها سيبحثون عن صفحة اخرى لفتحها ، واثارة الفتن والقلاقل والخلافات ، وجيل أخر من الحروب ، وكان الارهاب ضمن الجيل الرابع منها ...وهذا ما ينبغي الانتباه اليه ، ولكن ما يمكن الجزم بفعاليته وصلاحيته لكل الاجيال من الحروب السابقة واللاحقة هو الوحدة والانسجام والسلم المجتمعي ، والتسامح ومنع روح الانتقام ، وتعزيز مبادىء حقوق الانسان ، وسلطة وهيبة الدولة والقانون ، بما في ذلك احترام المال العام ، وإستيعاب الطاقات الشابة بفرص عمل مناسبة ... غير ان تلك الاسلحة الوطنية الفعالة ستخطىء هدفها ، وتضعف كفاءتها القتالية إذا استمرت المحاصصة تحت أي مسمى ، لانها البيئة المناسبة للطائفية والاختلاف والتجزئة والتقسيم ، وغيرها من الامراض التي تنتج عنها ... لقد أسست الولايات المتحدة لسابقة خطيرة باحتلال العراق ، وعليها أن تتحمل ثمن مغامرتها التي تسببت بمآس وكوارث كبيرة ، وتعويض ضحايا هذه الحرب الظالمة ونتائجها الخطيرة التي ستمتد لأجيال قادمة .. أليس ذلك ما أقره القانون الدولي ، أم يحق لأمريكا ما يحق لغيرها وهي فوق القانون ...؟! والى متى يستمر قانون القوة الغاشمة ، غير المبصرة يتحكم بمصائر الشعوب ، ويعرض الاوطان للخراب والدمار ..؟!
|